طارق خوري يطالب الحكومة بالرحيل

وجه النائب طارق خوري رسالة إلى حكومة الدكتور هاني الملقي طالب من خلالها بسحب قانون ضريبة الدخل ورحيل الحكومة.
ووفق الرسالة التي وصلت لموقع سواليف فقد اتهم خوري الحكومة بأنها تخاطر بالوطن سياسياً وأمنياً بإصراراها على هذه الخطوة 
     وقال النائب طارقر خوري :
يا حكومة الملقي… اسحبي مشروع قانون الضريبة وارحلي… ارحلي !
سارعت الحكومة إلى طرح مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل لأسباب تدخل في فلسفة صندوق النقد الدولي ضمن برامج الاقتصاد الكلي، والتي يُراد منها “نظريا” معالجة أوجه القصور في المالية العامة،وتحفيز النمو الاقتصادي، وهذا ما أثبتت نحو ثلاثين عاما من التجارب مع الصندوق عدم جدواه، وإضراره العميق بالاقتصاد الوطني الأردني، الذي يركض سنة بعد أخرى لخدمة الدين الذي يقارب حجمه حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهذه كارثة حقيقية، خاصة وأن المديونية في تصاعد منذ بدأت برامج الصندوق فعلها
الأردن، ومنذ أن تحولت العديد من الحكومات إلى ما يشبه طواقم الجباة، تنفيذا لسياسات الصندوق وبرامجه، وخدمة للفاسدين المنتفعين من هذه الضوضاء الثقيلة التي أثقلت كاهل أكثر من 95% من أبناء هذا الشعب الطيب العزيز الكريم، الذي يعاني أبناؤه المزيد من ضنك العيش مع كل حكومة جديدة، ومع كل أمر من أوامر صندوق النقد الدولي، الأداة الأكثر وقاحة لرأسمالية العولمة والتجارة الحرة واقتصاد السوق في صيغها الأكثر وحشية ولاإنسانية، فيما تقوم الإدارة الأميركية، في الوقت نفسه، بفرض رسوم جمركية على واردات الفولاذ والألومنيوم، حتى على أصدقائها وحلفائها، حماية لمصالح اقتصادية خاصة، رغم أنف اتفاقات منظمة التجارة العالمية.
ونحن، في الوقت نفسه أيضا، ويا للعجب، نفرض بمشروع حكومة السيد الملقي ضريبة على القطاع الزراعي (!)، بل وحتى على الفقراء، نعم الفقراء، من أبناء شعبنا!!
هذا هو برنامج التصحيح المالي والاقتصادي الذي يمليه صندوق النقد الدولي، وتقوم حكوماتنا بتنفيذه.
بل إن الدكتور هاني الملقي، في اللقاء مع النقباء ورئيس مجلس النواب، هو ووزير المالية ووزراء آخرين في حكومته، فسّر يوم السبت (2/6/2018) الإصرار على عدم سحب مشروع قانون الضريبة بأنه من شروط صندوق النقد الدولي لتقديم القروض للمملكة. الله الله! لأنه من شروط صندوق النقد الدولي، ما من داعٍ لأي حوار، …
المسألة محسومة، تفرضها سلطات أعلى…. أهكذا؟! وتخرج بعض الأصوات بتخريجة لا تخلو من تآمر: نردّ في مجلس النواب المشروع، فيقتضي الحال جلسة مشتركة للنواب والأعيان، والبقية تعرفونها… يتمّ تمرير المشروع بتحسينات ديكورية لا تلغي جوهره الذي يمسّ السيادة الوطنية الأردنية والمصلحة الوطنية الأردنية وحياة المواطن الأردني.
يا سادة يا كرام… في التحليل الأخير، وإن تمّ تمرير مشروع القانون سيئ الذكر هذا، فإن المواطنين الفقراء ومتوسطي الحال سيدفعون الثمن.
رأس المال “الذكي” سيعرف كيف يعوّض ما يترتب عليه دفعه، ومصدر التعويض أسعار أعلى، وضغط أكبر على جيوب أبناء الطبقتين، الوسطى، والفقيرة.
الطبقة الوسطى، محرّك العمل والفكر والثقافة، تكاد تنمحي من على الوجود في الأردن…. ومشروع القانون الجديد كفيل بمحق ما تبقى منها… الطبقة الفقيرة لها الله وحده!! وماذا بعد يا دولة الرئيس؟ هل هناك من يعقل أن خطوة صندوق النقد الدولي مع انصياع الحكومة قد تكون مدخلا لشر أكبر يمس الأردن؟ هل هناك من لا يزال “مطمئنا” إلى أن إسرائيل “نسيتنا” وتركتنا في حالنا، فيما تحضّر هي وترامب ومن معهما ”صفقة القرن”
ما لا يخطر ببال منفذي برامج الصندوق، ولكنه بشغل بال الأردنيين؟ المخاطر يا دولة الرئيس ليست اقتصادية واجتماعية فحسب… إنها مخاطر سياسية وأمنية أيضا، وربما أولا.
وإن لم تكن هذه الكلمات كافية لإثارة التساؤلات لديكم ولدى فريقكم، أو لم يكن الأجدى التوقف أمام هذا الغضب الشعبي العارم، والإجماع الشعبي والنقابي والحزبي غير المسبوق ربما على ضرورة (ضرورة) رحيل حكومتكم؟! صندوق النقد الدولي وبرامجه وسياسات من يقف وراءه ووراءها يا دولة الرئيس الحالي، ويا دولات الرؤساء الماضين والقادمين ليست قدرا لا مفرّ منه…
صحيح أن الخيار الآخر صعب، ولكنه الوحيد القادر على انتشال الوطن من المسار الهابط، وعلى مدى سنوات.
أولم نصبر على برامج الصندوق نحو ثلاثين عام ؟ تعالوا نصبر على اختيار طرق النهوض بالاقتصاد الوطني بعيدا عن فلسفة الجباية ومدّ اليد في جيوب المحتاجين… تعالوا نحارب الفساد، والتهرب الضريبي، وتعالوا نحدّ من الهدر، ونراهن على تنمية اقتصاد منتج، بشراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، وعشرات الوسائل الأخرى التي تمكننا من مواجهة الصعوبات.
كم سيدخل الخزينة من مشروع قانون الضريبة ؟ 100-250 مليون دينار ؟ إن ما سُرق ويُسرق ويمكن استرداده يوازي أضعاف هذا الرقم.
لقد دافعتُ مؤخرا عن رسالتي للماجستير في العلوم السياسية بعنوان “دور صندوق النقد الدولي في التأثير على القرارات السياسية والاقتصادية للدولة1989-2017 – (الأردن حالة دراسة)”، واسمحوا لي أن أكرّر التوصيات التي تقدمتُ بها، وهي بنت اللحظة على أي حال:
• أن تقوم السلطة التشريعية بدورها اللاجم للاندفاعات غير المحسوبة في الاتكاء على برامج الصندوق، والدين، والعمل على سن قوانين تسهم في تقديم بدائل اقتصادية تستند إلى الطاقات الوطنية.
• تفعيل دور المواطن الفرد، والمشروعات الصغيرة، باتجاهات إنتاجية، للحدّ من الفكر الرعوي واستبداله، بالعمل والإنتاج.
• إعادة النظر في التحالفات والاصطفافات السياسية والاقتصادية التي أدت بالوطن إلى حالة من العجز الذي يؤدي إلى الانصياع لسياسات غير مقبولة.
• التعامل مع مجمل قضايا الاقتصاد الوطني بمنظور استراتيجي بعيد المدى، وابتعاد الحكومات عن السياسات قصيرة المدى فيما يتصل بحل المشكلات الخاصة بالمديونية، من خلال برامج نفقات رأسمالية على حساب الإنفاق غير المبرر في كثير من الأحيان.
• اعتماد سياسات ضريبية عادلة لتمويل عجز الموازنة، واللجوء إلى مصادر لا تمسّ الطبقة الوسطى أو الفقيرة.
استيعاب الآثار السياسية الخطيرة للاستمرار بقبول برامج صندوق النقد الدولي على علاّتها، والنظر في مصادر تمويل أخرى مبنية عل جذب الاستثمارات، والتعاون المتكافئ مع أطراف دولية لها مع الأردن مصلحة مشتركة في أوجه تعاون عديدة، دون المساس بأساسيات اجتماعية واقتصادية وسياسية.
• البحث عن أوجه للتعاون بين القطاع العام والخاص في مواجهة أزمة المديونية، وبحسّ عال من المسؤولية الوطنية المشتركة.

مقالات ذات صلة