“حادي بادي”! … جهاد المنسي

طلب رئيس الوزراء د. عمر الرزاز من الجميع “التشمير” عن سواعدهم للمشاركة بمشروع النهضة الذي تحدث عنه، وهو طلب بمكانه  لو كانت الظروف مختلفة والأوضاع تنبئ وتساعد بنجاح أي مشروع نهضوي وطني.
صراحة، فإن وضعنا الحالي بحاجة لأكثر من توصيف، قبل الكلام عن مشروع نهضة وخلافه من أفكار،  فنحن حتى الآن غير واضحين مع أنفسنا حتى باستخدام المصطلحات الاقتصادية والسياسية، فمثلا بالموضوع السياسي ما يزال البعض يعتبر أن ديمقراطيتنا غضة رغم أن التحول الديمقراطي بات على مشارف الثلاثينيات وهذا يعني أن من ولد سنة 1989 نهاية الاحكام العرفية وبداية التحول الديمقراطي، أنهى مراحل الطفولة والمراهقة وبات في بداية نهايات الشباب، فكيف إذا يقول البعض أن ديمقراطيتنا وليدة؟!، إذ إن هذا الكلام لا يراد منه إلا حرف النظر عن أي إصلاح سياسي حقيقي وإيجاد مبررات لخيباتنا المتواصلة والتي لم نستطع خلال 30 عاما التأسيس لمرحلة بناء تقوم على أحزاب قوية وبرلمان حزبي يستطيع أن يرشح من يريد لرئاسة الوزراء.
حتى أن رجال الدولة في مفاصل مختلفة باتت تخونهم العبارات، والتوصيفات تضيع منهم، وباتت الرؤية غير واضحة لديهم، فمثلا، في الوقت الذي كان رئيس حكومتنا يتحدث عن مشروع نهضوي جديد، كان رئيس وزرائنا الأسبق عبد الرؤوف الروابدة يقول إن اقتصادنا عاد لغرفة العمليات ولم يعد حتى في غرفة الإنعاش!.
لست هنا بمعرض التوسع بالكلام عن الاقتصاد، وإن كان بغرفة العمليات أم لا؟، وإن كنا فعلا في مرحلة انطلاق مشروع نهضوي أم لا، فأنا لا أجيد كثيرا الحديث عن الارقام، ولكني أستطيع أن أؤكد أنني أرى الناس وأسمع منهم وأستمع لتفاصيل جديدة لم أكن  أسمعها من قبل.
لو دخلت محال ملابس أو مجلس عزاء أو صالة افراح أو ركبت تاكسي أصفر أو خلافه فإن لسان حال الناس واحد “الوضع سيئ.. الله يستر.. وبعدين.. البلد نايمة.. مفيش حركة”، كل تلك مصطلحات بتنا نسمعها أينما ذهبنا، ولم يعد أحد يتحدث عن انتعاش بهذا القطاع وكساد بذاك،  فالحال بات واحدا.
شخصيا؛ لم ألمس إلا من الرئيس الرزاز من يرى أننا مقبلون على مشروع نهضوي، وهو من وعدنا بفرص تشغيلية، ولكن غرف الصناعة والتجارة وخلافها تتحدث عن مغادرة استثمارات للبلاد، وكساد غير مسبوق بالاسواق، وشعور محبط بات يخيم على سواد المواطنين، جراء عدم قدرتهم على هدم الفجوة بين الرواتب والأسعار المرتفعة أصلا.
شخصيا أعلن كامل استعدادي للمشاركة بأي مشروع نهوض ودعمه من خلال (التشمير) عن ساعدي، ولكني بالوقت عينه بحاجة لقناعة بأننا فعلا نذهب للنهوض، وأن الأيام المقبلة أفضل. ما يزيد خوفي وقلقي أن أسمع أحد أبرز رجالات الدولة يقول إن الاقتصاد لم يعد في غرفة الانعاش، وإنما عاد لغرفة العمليات من جديد، فمثل تلك التصريحات تنمي لدي وعند الغالبية الكبرى عنصر الخوف، وكذلك تفعل عند مستثمرين وتجار وصناع ومزارعين وصغار كسبة وغيرهم، كما أن خروج مثل تلك التصريحات إشارة لعدم القناعة بوضوح الرؤية النهضوية التي يتحدث عنها الرزاز، وتنبيه الى أن الامور لا تسير بالاتجاه الصحيح.
أعتقد ان الحكومة بحاجة لإثبات ما وعدت به وأن تقول لرجل دولة بحجم الروابدة وتقنعه، اننا لسنا بغرفة العمليات ولا حتى في الانعاش وانما خرجنا من المشفى  وبتنا نتعافى، وهذا بحاجة لملامسة ومقاربة حقيقية وليست تصريحات ورقية عنترية، كما ان ذاك بحاجة لأرقام تثبت ذاك، وشواهد دالة على ذاك، وخطة نبدأ بها، وفكرة نرعاها، وهدف نسعى اليه، وغاية نحققها، فبدون ذاك، سيكون اقتصادنا بالفعل بغرفة العمليات ولن نستطيع النهوض أبدا، نحن لا نريد أحجية إن كنا بخير أم لا، وإنما نريد شواهد دالة على مشروع نهضتنا الموعود تنعكس على الارض.

مقالات ذات صلة