متحف الحياة البرلمانية يروي قصة المئوية الأولى للدولة في 50 دقيقة  

حرير  – يوثق متحف الحياة البرلمانية، من خلال قصة متحفية محكمة، أحداثا مفصلية في تاريخ المملكة خلال 100عام، ابتداء من حكاية الثورة العربية الكبرى وتأسيس الدولة الأردنية ومسيرة الحياة الديمقراطية فيها، والكثير من الأحداث المفصلية في تاريخ المملكة، بحيث يقدم للزائر المعلومة التاريخية بعيدا عن الجمود باستخدام المجسمات والوثائق، ونظام الألوان لقراءة المعلومات التاريخية ضمن تسلسل زمني محكم.

ويمكن لزائر للمتحف الكائن في منطقة الدوار الأول/ جبل عمان، الاطلاع على محطات مهمة من تاريخ الأردن السياسي والاجتماعي خلال 50 دقيقة، بدءا من إعلان الاستقلال من قبل الملك المؤسس عبد الله الاول ابن الحسين، وتتويج جلالة الملك طلال، وجلالة الملك الحسين طيب الله ثراهما، وتبني الدستور، وإقرار وحدة الضفتين، وإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية، وغيرها من المحطات.
يقول مدير المتحف الدكتور ماهر نفش لوكالة الأنباء الاردنية(بترا)، إن المتحف الذي تم افتتاحه رسميا في 2016 ضمن احتفالات المملكة بمئوية الثورة العربية الكبرى، التي تزامنت مع افتتاح أول مجلس تشريعي عام 1929، كان شاهدا على اجتماعات المجلس التشريعي في مطلع الاربعينات، ثم مجلس الأمة من 1947 وحتى 1978، ويوثق من خلال مقتنياته من المخطوطات والنصوص والصور، أسماء شخصيات فاعلة ممن اثروا في الحياة السياسية.
ويضيف إن متحف الحياة البرلمانية التابع لوزارة الثقافة، والقائم مكان مبنى مجلس الامة السابق، حصل عام 2018 على عضوية مجلس المتاحف العالمي، ومقره في العاصمة الفرنسية، ويضم في عضويته 20 الف متحف في مختلف دول العالم.
ويشير الدكتور نفش الى أن المتحف يعمل على تعزيز الهوية والانتماء الوطني من خلال التعريف بتاريخ الأردن العريق وإبراز أهمية المواقع التاريخية، وترسيخ قيم الديمقراطية ونشر ثقافة الحوار وتجذير شعور الانتماء والمواطنة وتقبل الآخر لدى الأجيال القادمة.
ويؤكد عضو لجنة كتابة القصة المتحفية التي شكلتها وزارة الثقافة لإعادة إحياء متحف الحياة البرلمانية الدكتور جورج طريف، أن المتحف جاء ليكون ذاكرة حيّة لمراحل مُهمة من تاريخ الأردن، وفضاءً رحباً لإبراز تاريخنا، بحيث يؤرخ الحياة البرلمانية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، ويسلط الضوء على الجهود التي بذلتها القيادة الهاشمية على مدى عقود في تأسيس وبناء الأردن، حتى اصبح إنموذجاً في العمل والإنجاز والعطاء، ومركزاً إقليمياً متطوراً في العديد من القطاعات والمجالات.
ويوضح طريف أن المتحف يمثل قيمة تاريخية وتراثية وثقافية كبيرة للوطن والمواطن ويهدف الى اتاحة المجال للطلبة والباحثين والمهتمين للاطلاع على تاريخ الحياة السياسية والبرلمانية في الأردن، باعتباره يُشكل مصدراً ثقافيا وتعليمياً في ترسيخ إرثنا الوطني السياسي، كما يهدف الى المساهمة في تعزيز ثقافة الولاء والانتماء كونه يمثل علامة فارقة من علامات تاريخ الوطن وتاريخ العمل الديمقراطي في الاردن، وجزءاً مهماً من ذاكرتنا الوطنية.
ويبين الدكتور طريف أهمية توثيق الحياة السياسية والبرلمانية عبر مراحل مفصلية في تاريخ المملكة، حيث شهد المبنى  تتويج ثلاثة ملوك من ملوك المملكة ( الملك الشهيد عبدالله بن الحسين والملك طلال بن عبدالله والملك الحسين بن طلال)، طيب الله ثراهم، وتم فيه إقرار وحدة الضفتين عام 1950، وتبني الدستور عام 1952، وإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية، وغيرها من التشريعات التي كان لها الأثر الكبير في تأسيس الدولة الأردنية الحديثة.
ويضيف إن اللجان التي أنجزت المتحف عملت على اظهاره بالصورة التي تليق به، من خلال ابراز المراحل التاريخية ومنجزات المجالس التشريعية والنيابية وخطب العرش والاحداث التي شهدتها المملكة والوطن العربي، وتطور التشريعات الاردنية ورجالات الاردن، موثقة بالصور والادوات التي واكبت كل مرحلة بصورة فنية تحقق الهدف المطلوب.
المؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي يقول، إن متحف الحياة البرلمانية يتخذ قيمته من المكان التاريخي الذي هو فيه، فبعد استخدامات خارجة عن سياق التاريخ تقرر اخيرا ان يكون هذا المتحف حاضنة لحقبة مهمة في تاريخ الدولة الاردنية، بدءا من المجلس التشريعي الرابع ثم الى المجالس النيابية حتى الان.
ويضيف أن المتحف يتميز بعراقة التصميم والتركيز على الهدف بلا مظاهر زائدة، موضحا ان الزائر يستطيع  مشاهدة قاعة العرش، وهي غرفة صغيرة في الجهة الغربية منه، وقاعة المجلس التي تتميز بهيبتها ووقارها كقاعة اجتماعات، ومكان لإلقاء خطب العرش، وللمناقشات المختلفة.
ويبين الدكتور المجالي، أن متحف الحياة البرلمانية  يربط روح الحاضر بصورة الماضي، ويستذكر صولات الرجال والتي تم توثيقها، ليقترن المشهد الحسي بالواقع التاريخي، وليقف الجيل الان على واحدة من محطات التشريع الاردنية، ويسترجع منهج الديمقراطية الاصيل، ويقرأ سيرة الدولة الاردنية من خلال القصة البرلمانية الكاملة بمراحلها.
ويشير المجالي إلى أن الزائر الذي يقضي قرابة الساعة في المتحف، انما يتجول عبر اكثر من سبعين سنة من الاحداث التشريعية، ليس فقط في الانتخابات بل في تشكيل الحكومات، وأهم مفاصل الدولة في كل فترة برلمان، موضحا أن الحياة التشريعية الاردنية غنية بالأحداث التي يوفر المتحف سبيلا للاطلاع عليها بإسلوب شيق، وذلك باستخدام الصوت والصورة والمخططات والافلام.
ويصف الدكتور المجالي المتحف بالذاكرة الحية التي تجمع التاريخ بإحساس، وهو بحد ذاته مدرسة معرفية عن الحياة التشريعية، مشيرا الى أهمية التاريخ بالنسبة للجيل الحالي، الذين يتمتعون باستخدام كل الوسائل الحسية لتطوير ثقافتهم البرلمانية.
يذكر أن وزارة الثقافة تبنّـت مشروع إعادة إحياء مبنى البرلمان القديم وترميمه وصيانته وفق معايير العمل المتحفي، ليصبح مُـتحفا للحياة البرلمانية، حيث شكّـلت لجنة لذلك في عام 2010 لهذه الغاية، إلى أن تم افتتاحه بداية نيسان عام 2016.
ويتكون من ثلاثة أجزاء، الوسط ويضم قاعة البرلمان، والجناح الأيمن ويتكون من قاعات العرض التي تروي قصة الحياة البرلمانية، فيما يضم الجناح الأيسر مكتبي رئيسي مجلسي الأعيان والنواب وقاعة التشريفات.

رز/أ أ/وم(بترا)

مقالات ذات صلة