وصفي عاتبٌ عليكم.. أحمد حسن الزعبي

هو يعرف أن العيون لا تكذب العيون ، وان حبّكم له ولملامحه التي تشبهكم، تشبه واجهات بيوتكم ،هو الحب الابن للوطن، لا مدفوع من أجهزة ولا موجه من مؤسسات ولا يسيّره موكب النفاق ، هو يعرف أن الحب مثل القمح لا يزوّر ، ومثل زيت القنديل لا ينفد، ومثل رائحة عرق الأب لا تفسر..

وصفي يعرف أن براويز صوره ما زالت تحتل صدور البيوت ،وتحتل الصفحات في آخر تشرين ، ويعرف أن بيت الكمالية يعجّ في الثامن والعشرين من نوفمبر بأنفاس الوطنيين والبخور والحلم المحترق منذ 47 عاماً ، لكن وصفي عاتب عليكم جميعاً… عاتب لأنكم خذلتم المشروع ، وخفتم من وعورة الطريق ، واستسلمتم للممكن ،خفتم على الرغيف ولم تخافوا على الأرض،تغنّيتم باسمه ولم تكرّسوه ، حلفتم بنظافة يده ولم تقطع “وساخة” يد من أتوا بعده ..الأجل الخطب والقصائد والحسرات استشهد وصفي؟..
وصفي لا يريد ورداً على ضريحه ، وصفي يريد قمحاً أردنياً حورانياً او سلطياً او كركياً ينثر على الجسد المسجى،عندما تخشن اكفنا بزرعة قمحنا نكون أوفياء لوصفي ، عندما نستأصل كل مرتزق وفاسد وعميل من مواقع المسؤولية نكون أوفياء لوصفي ، عندما لا يكون الوطن مجرّد أغنية وعلم وراتب نكون أوفياء لوصفي ، وصفي لا يريد صوره أن تملأ صفحات “الفيسبوك” وصفي يريد أن يكون الأردن حديث العالم في الرجولة والإنتاج وعروبته البرّية التي لا تدجّن ولا تروّض ، وصفي لا يريد أن تمتدحوا مواقفه قبل نصف قرن، يريدكم أن تصنعوا مواقفاً مثلها الآن ، وصفي يريدكم أن تكونوا فطناء كما كنتم وكما أنتم ، يريدكم الا تخونوا “فراسة” البداوة في الحكم على الرجال وألا تزوّروا أردنية الأردني ، الا تحنوا الرؤوس الا لله ،وألا تسقطوا “العُقُل” الا في الحق ، يريدكم الا تجلسوا أياً كان على كرسيه ؛ “ولداً” ،”عميلاً”، “صفيقاً”،”مرتزقاً”، “لقيطاً”، “قادم بمهمّه” ، لأنه سيُكسر به، فكرسي وصفي لا يحمل الا الرجال ولا يطيق الا أبناء الوطن..وصفي عاتب عليكم لأنه كان يريد الوطن وطناً،رأساً لا ذنباً، متبوعاً لا تابعاً..وانتم رأيتموه يذوب وقبلتم ،وينزع دوره ورضيتم…وصفي يحبّكم لكنه عاتب عليكم فالكمالية ليست كل الوطن..الكمالية “جمرة” وطن، خذوا منها مشاعلكم وابحثوا عن الأردن في هذه العتمة!..

مقالات ذات صلة