تربية الأبناء: كيف تؤثر شاشات الأجهزة الإلكترونية على أطفالنا؟

حرير- حتى قبل أن تنطق رضيعتي بكلماتها الأولى، كانت قد نجحت في تمييز أيٍ من الهواتف النقالة الموجودة في المنزل، يعود إليّ وأيُها يخص زوجي، وذلك رغم أن هاتفيْنا كانا متطابقين في الشكل. نتيجة لذلك، كانت طفلتي تَعْمَد إلى الصراخ، إذا أقدم أي شخص غيري على الإمساك بهاتفي. بل إنها كانت تعترض بشدة، إذا ما رأتني أعطيه أنا نفسي لشخص آخر، لإطلاعه على صورة ما مُخزّنة عليه مثلا.

فبالنسبة لها، شكّل هذا الهاتف جزءا لا يتجزأ مني، مثله مثل حذائي أو ثيابي، نظرا لأنه يظل طوال الوقت تقريبا في يدي أو إلى جواري. وقد كانت في تلك الفترة تُعنى بشدة بحماية كل ما يخصني بمثابرة وإصرار.

ولعل المثال السابق، يكشف عن الكيفية التي أصبحت بها الأجهزة الإلكترونية الحديثة المزودة بشاشات جزءا من حياتنا اليومية، وذلك على نحو لم يحدث من قبل. ولا يتعارض هذا بطبيعة الحال، مع الإقرار بحقيقة أن جهازا مثل الهاتف النقال، بات مفيدا على نحو لا يُقارن بأي جهاز آخر، على صعيد مساعدة صاحبه على تحديد اتجاهات السير وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وإجراء عمليات التسوق الإلكتروني والاستمتاع بالكتب المسموعة وغيرها من الأنشطة، وذلك رغم أنني أحاول جاهدة بشكل شخصي، تقليص وقت استخدامي له.

ولأن أيا من جدود رضيعتي، لا يعيش بالقرب من منزلنا، شكّل هاتفي وسيلة لا غنى عنها، للبقاء على اتصال معهم، خاصة أنني لم أر أمي منذ عام 2019، بسبب إجراءات الإغلاق العام والقيود المفروضة حاليا على السفر.

في المقابل، ندرك جميعا أن استخدام مثل هذه الأجهزة، يدفع المرء للإدمان على ذلك، وأنها تُشكِّل عقول أطفالنا، بطرق بدأنا الآن فقط، في فهمها ببطء. ورغم أن تلك الأجهزة ليست مضرة في المطلق، فإنها بعيدة كل البعد في الوقت نفسه عن أن تكون مفيدة كذلك. ومن هذا المنطلق، سيؤدي تعلمنا لكيفية تحسين استخدامنا لها، أو تعرفنا على التوقيت الذي يجدر بنا فيه التوقف عن ذلك الاستخدام، إلى إحداث تأثيرات إيجابية قابلة للاستمرار.

على أي حال، لا يشكل التخوف من أن تؤدي أي تأثيرات خارجية إلى تشويه أفكار أطفالنا، أمرا جديدا من نوعه. فحتى أفلاطون، كان يشعر بالقلق من أن الشعر والدراما، قد يؤثران على عقول الناشئة. وقد ثارت مخاوف مماثلة، منذ أن أصبحت أجهزة التليفزيون عنصرا أساسيا في كل بيت، ما أدى لإطلاق الآباء تحذيرات من ظهور جيل من الأطفال، من مدمني مشاهدته. وربما كان هذا هو ما حدا بالكاتب روالد دال، أن يُضمّن قصته الشهيرة “تشارلي ومصنع الشوكولاتة” التي صدرت عام 1964، عبارات مُقفاة باللغة الإنجليزية، يناشد من خلالها الآباء بإلحاح، أن يلقوا بأجهزة التليفزيون خارجا، وأن يضعوا محلها رفا جميلا يستند إلى الجدار، وتتراص عليه الكتب.

المصدر: وكالات

مقالات ذات صلة