فتاوى رمضان … احمد حمد الحسبان

 

 

ليس نقدا، وانما رصد لواقع حال، القول بان جل استعداد الفضائيات ومحطات الإذاعة العربية لشهر رمضان تركز على عدة عناصر، ابرزها برامج الطبيخ، والفتاوى، والمسلسلات.

وليس جديدا القول بان الفضائيات الكبرى والغنية تستطيع ان تنتج من المسلسلات او تشتري منها ما يجعلها في المقدمة من حيث عدد المشاهدين والمتابعين، بينما محطات أخرى « تقتات» على مسلسلات وبرامج قديمة، او يكون بثها متاخرا .

غير ان المسلم به ان البرامج الرمضانية بشكل عام تكون ذات طبيعة خاصة بحكم تركيزها على بعدي» الفتاوى»، والطبيخ.

لن اتحدث عن « الطبيخ»، ولا عن المسلسلات، وتاثير ذلك على الصورة النمطية التي تركها الاعلام وتنافس بها وصولا الى دمغ الشهر الفضيل ـ زورا ـ بهاتين الصفتين،

بينما الصفة الثالثة والمتمثلة بصفة الفتاوى، فهي صفة حميدة وتتواءم مع الشهر الفضيل، ولكن مع ضرورات مهمة لتطوير المضمون.

فغالبية برامج الفتاوى تعتمد أسلوب استضافة احد» المشايخ»، وقد لا يكون من بين المتخصصين في الإفتاء، وتعتمد أسلوب تلقي الاتصالات من متابعين ليقوم الشيخ الضيف بالرد عليها.

ولو حاول احد رصد الأسئلة والاجابات لوجد انها نفسها تتكرر في كل حلقة، وفي كثير من الأحيان تتكرر في الحلقة ذاتها، ومعظمها يدور حول المفطرات ومنها» قطرة الاذن، وقطرة العين، و» نكاشة الاذن»، ومن افطر ناسيا، وكيفية التعامل مع حبوب الضغط والسكري، والحامل والمرضع، ووقت الإمساك ..وغير ذلك من تساؤلات مشابهة.

بالطبع لا يمكن الاستهانة بتلك التساؤلات، لكن تكرارها واقتصار غالبية الحلقات والبرامج عليها يدفعنا الى التساؤل حول جدواها، وعن إمكانية تطوير برامج الإفتاء التلفزيونية والاذاعية، سواء من جهة مواصفات وتخصص الضيف الذي يتولى الإفتاء او مضمون تلك الأسئلة، وبحيث يكون المفتي قادرا على استنباط أمور مهمة لطرحها وتنبيه الصائمين لها، وتقنين الرد على القضايا التي تطرح، وان لا يسمح لاي شخص لا يتميز بمواصفات ومؤهلات معينة باعتلاء منبر اعلامي لغايات الافتاء.

في الوقت نفسه اعتقد ان بعض الفتاوى أصبحت بحاجة الى إعادة قراءة من جديد في ضوء تطورات كثيرة لا ادري ان كانت تركت اثرا على التعاطي العام معها.

من ذلك -على سبيل المثال ـ فتوى إفطار المسافر، فمنذ عدة عقود ونحن نسمع عن فتوى جواز الإفطار للمسافر اذا كانت مسافة السفر تبلغ 81 كيلومترا.

في السابق كانت هناك مشقة كبرى لمن يريد السفر لمثل هذه المسافة، اما اليوم فالمسافة لا تعني شيئا في ضوء توافر السيارات الحديثة والمكيفة، فتلك المسافة تعني عمليا الذهاب من عمان الى المفرق عن الطريق الصحراوي، فهل يصبح من حق من يرغب بالذهاب الى هناك ان يفطر ذلك اليوم؟ .

ما اقصده ان بعض الفتاوى يفترض ان يتم تحديثها استنادا الى الأساسيات التي بنيت عليها، وهذا راي اطرحه امام أصحاب الاختصاص الاجلاء الذين لديهم القدرة في الحكم على مدى وجاهته، وبحيث يكون مقدمة لاعادة قراءة الكثير من الفتاوى في ضوء التطور الذي يشهده عالم الدواء من جهة، وعالم التكنولوجيا من جهة ثانية.

مقالات ذات صلة