ضمانات الأردن لخفض التصعيد في الجنوب السوري

تبرز تفاهمات خفض التصعيد، التي تخضع لها المنطقة منذ تموز (يوليو) الماضي، بالإضافة إلى الحذر الإسرائيلي الدائم من تنامي الوجود الشيعي والإيراني في المنطقة، والمتمثل بالقصف الجوي لأي شحنة سلاح ثقيل تحاول الدخول إلى المنطقة، كأبرز عاملين ساهما بإبقاء الأوضاع العسكرية للمليشيات الإيرانية في الجنوب محدودة،
كما جعلاها غير قادرة على شن هجوم ذي قيمة عسكرية، فقدراتها بالمنطقة محدودة جدا، وعتادها العسكري الحالي غير فعال لخوض هجوم كبير، كون دخول المليشيات إلى المنطقة يجري تسللا، خشية تعرضها للقصف الإسرائيلي.
ورغم أن الجنوب الغربي السوري، بدأ يشهد مؤخرا اشتباكات متقطعة تشنها المليشيات الإيرانية وبعض وحدات الجيش السوري بين الحين والآخر، على مناطق سيطرة المعارضة السورية، إلا أن قيادات عسكرية في “المعارضة” تصف هذه الاشتباكات بـ”المناوشات المحدودة”، والتي لا ترقى إلى درجة “الهجوم” الذي يمكن أن يحقق نتائج ملموسة على الأرض.
وكان ممثلون عن كل من الأردن وأميركا وروسيا وقعوا في عمان في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على تأسيس منطقة خفض تصعيد مؤقتة جنوب سورية، تتويجا لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، الذي أعلن من عمان أيضا في تموز (يوليو) الماضي.
وتحد تفاهمات اتفاق خفض التصعيد من تواجد المليشيات الإيرانية والشيعية في الجنوب الغربي السوري، كونها نصت بعدم اقتراب المليشيات الأجنبية من الحدود الأردنية، إذ تبعد أقرب منطقة لتواجد المليشيات الإيرانية في الجنوب الغربي السوري، وهي مدينة أزرع مسافة 35 كلم من الحدود، في حين تبعد أقرب منطقة لتواجد هذه المليشيات في البادية وهي بير محروثة حوالي 40 كلم، فيما التواجد في ريف السويداء الشرقي بمسافة لا تقل عن 8 كلم من الحدود يقتصر على الخبراء العسكريين.
ورغم أن “مراكز رباط المراقبة”، كما يسميها قادة الجيش الحر، على خطوط التماس مع المليشيات، لم تلحظ أي تحركات عسكرية غير اعتيادية، كما يؤكد القيادي الميداني في الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش الحر بالجنوب السوري أبو جعفر ممتنه، إلا أنه لا ينكر ملاحظة تحركات لهذه المليشيات على شكل خلايا تقوم بعمليات اغتيالات وتفجيرات، بيد أنه اعتبرها غير فاعلة على الأرض، ولا يمكن أن تحدث فرقا في المعادلة العسكرية.
بيد أن قيادات في المعارضة اعتبرت تحركات المليشيات من خلال الخلايا هي محاولات لتعزيز قدراتها العسكرية، سيما وأن هذه الخلايا تتسلل مسلحة بعتاد عسكري خفيف، وأحيانا ثقيل بصواريخ تتمكن من تهريبها من خلال إخفائها بسيارات نقل مدنية، كما يؤكد ذلك قائد فصيل تجمع توحيد الأمة التابع للفرقة الأولى مشاة بالجيش السوري الحر خالد فراج.
وقال فراج إن الجانب الإيراني يتغلغل في جنوب سورية بلباس عسكري سوري وهويات عسكرية سورية، وهو ما لا تحسب له الدول المعنيه أي حساب.
وكانت فصائل تابعة للجيش الحر في الجنوب السوري، اعلنت في 15 نيسان (ابريل) الحالي عن القائها القبض على خلية تابعة لحزب الله اللبناني، كانت تعد لنصب صواريخ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، تستهدف دولا مجاورة.
غير أن فراج أكد أنه وفقا للحسابات والمعايير العسكرية فإن الايرانيين ليس لديهم القدرة في المدى المنظور على القيام بهجوم عسكري على مناطق سيطرة المعارضة في الجنوب السوري، مضيفا أن الجيش السوري الحر، وخاصة الفرقة الأولى مشاة لديه معلومات ورصد كامل لما يقومون به.
وبحسب دراسة للمكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية فإن عدد مقاتلي الميليشيات الإيرانية والشيعية التابعة لها وأهمها “الحرس الثوري الإيراني” أو ما يعرف باسم “فيلق القدس”، والتي تنتشر في محيط مطار دمشق الدولي، ومحيط مطار الضمير، وبالقرب من أكاديمية الأسد في حلب، ومعسكر الطلائع في طرطوس، يبلغ بحدود 70 ألف مقاتل.
ويتركز الثقل العددي للمليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، بحسب “المعارضة”، في مثلث الموت، وهو نقطة التقاء محافظات ريف دمشق الشرقي و درعا والقنيطرة، والذي يبعد عن الحدود الأردنية مسافة لا تقل عن 70 كلم، ويتواجد فيه اكثر من 15 ألف مقاتل من هذه المليشيات وفق تقديرات المعارضة.
هذه الأوضاع جميعها ربما ترجح من كفة روسيا في خلافها الذي ظهر مؤخرا مع طهران ودمشق، حول المرحلة المقبلة بعد سيطرة الجيش السوري بدعم من الجيش الروسي على غوطة دمشق وريف حمص، ومستقبل مناطق النفوذ في سورية، الذي كان محور البحث بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبشار الأسد قبل أيام.
وهو ما يؤكده المنسق في الجيش السوري الحر أبو توفيق الديري بأن تصفية القواعد الإيرانية تمشي بالتوافق والموافقة الروسية، مشيرا إلى أن أي تصعيد إيراني في الجنوب هو هروب للأمام.
وأضاف أن “الخروج الإيراني من سورية أصبح قرارا للتنفيذ، وأن الصراع الإيراني الروسي أصبح واضحا على مناطق النفوذ في سورية”، مشيرا إلى أن “إيران قد تدفع ببعض وحدات جيش النظام للصدام مع الجيش الروسي على الأرض”.
وأوضح الديري أن الخروج الإيراني من سورية يدعم التوجهات الروسية للقبض على ما يعتبرونه حقوقهم الشرعية”.
وقال” قبل مؤتمر استانه الأخير أرسل الروس تأكيدات للأميركيين، رغبتهم باستمرار اتفاق الجنوب، وأن لا مدة محددة له، وأنه لا يوجد أي نية لمناقشة الاتفاق لاحقا بل التأكيد عليه”.
وكانت أنباء صحفية تحدثت عن أن موسكو تريد الوصول إلى “ترتيبات” مع أميركا والأردن وإسرائيل في جنوب سورية، تتعلق بفتح معبر نصيب الحدودي، وتجنُّب العمل العسكري، وانسحاب ميليشيات إيران، ومحاربة “جبهة النصرة” و”جيش خالد” التابع لـ”داعش”، لكن طهران تدفع دمشق إلى الذهاب عسكرياً إلى جنوب غربي سورية.

ماهر الشوابكة- الغد

مقالات ذات صلة