الحكومة في مواجهة تحالف الرافضين…فهد الخيطان
لا يمكن للحكومة أن تتراجع عن مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل؛ هذا واضح من تصريحات الوزراء المعنيين، والتفاهمات المبرمة في هذا الشأن مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة. لكن تجاهل موجة الاعتراضات على التعديلات أمر غير ممكن أيضا.
إلى الآن، لم تنجح الحملة الحكومية في كسب تأييد قطاع واحد إلى جانبها لمساندة التعديلات المقترحة. وفي كل يوم تنضم شريحة اجتماعية جديدة إلى قائمة المعترضين. وإذا ما استمر الحال على هذا النحو، فسيأتي موعد الدورة الاستثنائية للبرلمان، وقد تشكل ما يشبه الإجماع الوطني ضد القانون، مما يجعل من مهمة تمريره في مجلس النواب شبه مستحيلة.
المخرج من هذا المأزق هو أن تعلن الحكومة حاليا استعدادها لفتح حوار حول تعديلات القانون مع مختلف الأطراف الاقتصادية والاجتماعية. وفي اعتقادي أن نتائج الدراسة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع غرفة تجارة عمان، تشكل أساسا ممتازا لحوار منتج حول القانون.
الدراسة لم تكتف بعرض الآراء المتذمرة وتسجيل الاعتراضات على النظام الضريبي، إنما ذهبت أبعد من ذلك في قراءة متعمقة لمجمل الوضع الضريبي في الأردن، واقترحت حزمة من السيناريوهات البديلة التي تضمن تحقيق مبدأ العدالة وزيادة مستوى التحصيل في الوقت نفسه.
وحسب تصريحات رئيس غرفة التجارة، عيسى حيدر مراد، فإن النية تتجه لتبني نتائج الدراسة كأساس لحوار موسع حول مشروع القانون مع الحكومة والأطراف المعنية.
ليس لدينا أوهام حول موقف أصحاب العمل من القانون المعدل، فهم على الأرجح سيعارضون أي مقترحات ترتب عليهم زيادة في الضريبة، ولن يترددوا في حشد أكبر قاعدة ممكنة من المعارضين لإسقاط القانون. لكن المثير للاهتمام أن أوساطا واسعة في الطبقة الوسطى انضمت إليهم في موقفهم. وقد تفوق هذا التحالف في تعميم خطابه على الرأي العام وإبطال مفعول الحملة الحكومية، لدرجة أن الفئات الأوسع من العاملين غير المشمولين في الحد الضريبي اصطفوا إلى جانب التحالف المعارض.
وفي أوساط النواب لم نسمع لغاية الآن صوتا واحدا يساند الحكومة ويتبنى مشروعها.
مرد ذلك، في رأي الخبراء، هو ما حذرت منه دراسة المركز من شعور وشيك بالإجهاد الضريبي بدأ يصيب عامة الناس، بالنظر إلى النسبة الإجمالية لما يدفعون من ضرائب متعددة أبرزها ضريبة المبيعات. فقد أظهرت نتائج الدراسة بلوغ الطاقة الضريبية أكثر من 16 % من الناتج المحلي الإجمالي، محذرة من أن تجاوز هذا الحد سيدخلنا في مرحلة الإرهاق الضريبي.
الوقت لا يسمح للنواب بإجراء حوار مستفيض حول القانون. والحكومة اليوم هي من يقف في دائرة الاتهام، وعليها أن تتحرك لإنجاز تسوية شاملة مع الفرقاء الاقتصاديين والسياسيين والنقابات المهنية والعمالية، حول بنود القانون قبل تحويل المشروع لمجلس النواب. لكن إذا ما تجاهلت هذه النصيحة فقد تبلغ مرحلة تضطر معها لتقديم تنازلات أكبر تطيح بأهداف الإصلاح المالي والاقتصادي.