قــراءة في الهـــم الاقتصــادي

المهندس أحمد أبو سبيت

من يتابع باستمرار توجيهات جلالة الملك اطال الله في عمره وفي أكثر من منابسة يجد تأكيداً واضحاً على ضرورة تحقيق التشاركية الفعلية بين القطاعين العام والخاص وضرورة التشاور مع القطاع الخاص والأخذ برأيه ما أمكن في كثير من القرارات الاقتصادية ، كون هذه القرارات تؤثر بشكل واضح ومباشر عليه ، فالقطاع الخاص هو المحرك الرئيسي لعجلة الاقتصاد الوطني والمشغل الأكبر للعمالة ،وبالتالي الرافد الأقوى للخزينة سواء بالإيرادات الجمركية أو الضريبية أو ايرادات الرسوم الأخرى.

ومن الضرورة بمكان الانتباه جدياً إلى أن “ترف الوقت” لم يعد متوفراً للقطاعات الاقتصادية، فلم يعد هناك وقت يسمح بالمزيد من المناقشات والاجتماعات التي لا تفضي إلا إلى المزيد من إضاعة الوقت بلا فائدة ودون تحقيق غاية تذكر.

فنحن مدعوون الآن للبدء بحوار فاعل وجاد وحقيقي للنهوض بالاقتصاد الوطني وتفعيل الشراكة الصادقة ما بين الحكومة والقطاع الخاص عامة ؛ وما بين الحكومة وغرف الصناعة والتجارة خاصة،اما أن تقوم الحكومات المتعاقبة ضمنياً بتأجيل الخوض في أية نقاشات أو طروحات تفضي إلى جراحات عميقه لاستئصال أساس المشكلات التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني ويقتصر عملها على جراحات تجميلية هنا وهناك لتخطي العمر الزمني الافتراضي لأي حكومة والخروج سالمة من اتون الأزمة دون التعرض لتقييم الأداء أو النقد على مبدأ (اعمل أقل تخطئ أقل تنتقد أقل) فهذا لم يعد مقبولاً بأي حال.

ولعل الصرخة المدوية التي اطلقها رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن المهندس فتحي الجغبير على قناة المملكة قبل أيام وضحت أن مصطلح الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ، إنما هو مجرد سراب وكلمات يتم اطلاقها لذر الرماد في العيون ولكسب الرأي العام دون أن يكون لهذا المصطلح أي وجود على أرض الواقع. ولا يخفى على أحد بأن الكثير من القطاعات الاقتصادية تمر الآن في أسوأ حالاتها نتيجة جائحة كورونا والظروف السياسية المحيطة إضافه إلى ضعف القوة الشرائية لدى المواطن،علاوة على الارتفاع الجنوني في كلف الشحن البحري ولن تستطيع الصمود أكثر ،وإذا استمر الحال على ما هو عليه فسوف نشهد مزيداً من التراجع في القطاعين الصناعي والتجاري على حد سواء.

إن إعادة النظر في موضوع الطاقة وتخفيض كلفها على الصناعة والصناعيين بات الآن ضرورة ملحة في ظل هذه الظروف ، فلا يخفى على أحد أن الطاقة هي أحد أهم البنود في الكلفة التشغيلية لأية صناعة ،وفي حال تخفيضها ستكون الركيزة الأمثل التي يعتد بها للنهوض بهذه الصناعة ومساعدتها على النمو والازدهار والانطلاق إلى الأسواق التصديرية التقليدية وغير التقليدية. ولا بد من التوضيح إلى أن الكثير من الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين الحكومة الأردنية وبعض الدول كانت مجحفة بحق الأردن بشكل كبير ، حيث أن الميزان التجاري يميل لصالح هذه الدول فلا بد من إعادة النظر في هذه الاتفاقيات ومراجعتها من جديد.

وما زال مطلب الصناعيين الشرعي بالمعاملة بالمثل مع كثير من الدول لا يلقى بالاً لدى الحكومة وقد نادت بهذا المطلب غرفة الصناعة مراراً وتكراراً ولكن “لا حياة لمن تنادي”،وعليه فمن الأولى أن تلتقط الوزارات المعنية اليوم قبل غد هذه الاشارات والبدء فوراً ودون تردد بالعمل الجاد المؤسسي لتحقيق مطالب القطاعات الصناعية والاقتصادية حين أن لهذه المطالب الأثر الأكبر في انعاش الاقتصاد الوطني والخروج من عنق الزجاجة.

الكُرة الآن في مرمى الحكومة والفرصة مواتيه للعودة للمسار الصحيح.

والله الموفق

– المهندس أحمد أبو سبيت ؛رئيس جمعية مصدري ومنتجي الحجر الطبيعي والبلاط الأردنية “جوستون

مقالات ذات صلة