هل بلدنا بحاجة إلى جامعات طبية خاصة؟!

بقلم الدكتور عدنان مساعدة

حرير – لقد أصبح الامتداد الأفقي في التعليم العالي له محاذير كبيرة جدا، وخصوصا في مجال فتح جامعات طبية جديدة، في الوقت الذي يوجد في المملكة ست جامعات حكومية تدرس الطب، اضافة الى كلية طب سابعة في جامعة آل البيت التي وافق مجلس الامناء على السير بإجراءات انشائها. ان عدد طلبة الطب يقارب 18000 داخل المملكة وخارجها، وبات شبح البطالة يلوح حيث يتخرج 3000 طبيب سنويا اضافة الى الاف الطلبات المقدمة الى ديوان الخدمة المدنية والقطاع الخاص.
ونتساءل هنا، ماذا عن معظم الخريجين من الاطباء الذين لا يجدون فرصا للتدريب في ظل قلة فرص التدريب الخارجية ومحدودية التدريب محليا؟ أليس واقع الحال هذا يضع هؤلاء الاطباء على قائمة المعاناة والبطالة لإيجاد فرص العمل تحقق طموحهم ومستقبلهم المهني.
ثم لماذا البحث عن شراكة مع جامعات خارجية التي ستقتسم الكعكة وتأخذ نصيبها من هذا الاستثمار؟ وأتساءل هنا أليس من الأجدى يا دولة الرئيس ويا معالي الوزير أن تكون الشراكة الحقيقية بين الخدمات الطبية الملكية وكليات الطب في الجامعات الحكومية التي تشتمل على بنية تحتية وكوادر اكاديمية وطبية في كافة الاختصاصات قادرة على تأهيل الاطباء وتدريبهم في مستشفياتها الامر الذي سيعطبها زخما قويا ونوعيا، وأقترح أن تحمل هذه الجامعة اسم «جامعة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الطبية العالمية»
King Abdullah II Bin Al-Hussein International Medical University
لأن اقامة صرح طبي متميز يشرف عليه كوادر أكاديمية وطبية من ذوي الخبرة والسمعة الطبية المتميزة يكون مؤهلا لاستقطاب طلبة من داخل المملكة وخارجها وتكون نوعية المخرجات الطبية متميزة تدريسا وتدريبا.
نأمل عزيزي دولة الرئيس… عزيزي معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن يتم دراسة موضوع انشاء جامعات طبية جديدة من قبل أصحاب الاختصاص من الاطباء والاكاديميين والنقابات ذات العلاقة ومراجعته من مختلف جوانبه ووضع دراسات اكتوارية ودراسات شاملة تبين حاجة السوق الحقيقية، لأن دراسة الطب ليست تحقيق ربح مادي فقط، والمنتج النهائي الذي نريد هو صحة الانسان وسمعة المنظومة الطبية في بلدنا لتكون مدخلاتها ومخرجاتها عالية المستوى على حد سواء.
ونأمل أيضا أن لا تتكرر تجربة التخصصات المشبعة التي فتحت دونما تخطيط او دراسة لاحتياجات سوق العمل التي كانت على حساب التعليم التقني الذي تم تغييبه منذ فترة طويلة بسبب الاستراتيجيات العشوائية وسوء التخطيط في ادارة ملف التعليم، وبالغ في فتح تراخيص لجامعات دون ضوابط واقعية، وأذكر هنا ان عدد كليات الصيدلة في المملكة احدى وعشرون كلية الأمر الذي أدى الى اختلال التوازن وزيادة البطالة نحو 30%، ويوجد ما يقارب 3500 صيدلانية تبحث عن العمل.
انني أرى في هذا القرار كما يرى الكثيرون استعجالا، ولا يخدم مستقبل مهنة الطب في وسينعكس سلبا على مخرجاتها وسيضخ بأفواج جديدة الى طابور البطالة التي ساهمنا في تزايدها بسبب بعض القرارات الارتجالية من مسؤول هنا أو آخر هناك، ولنتذكر ما جاء في الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك ان التعليم النوعي هو محور النهضة، وان الاستثمار الحقيقي لا يكون أحادي الجانب وماديا فقط، وإنمّا في بناء الانسان وتأهيله على قاعدة صلبة قوية في كل المجالات التي تراعي حاجة أردننا الغالي وأولوياته.
* كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
* عميد كلية الصيدلة في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الاردنية
* رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا

مقالات ذات صلة