ماذا يقول عن الأردن؟ فهد الخيطان
لو كنت مكان المسؤولين عن قطاع تشجيع الاستثمار في الأردن، لاختصرت كثيرا في برامج الترويج الخارجي لجذب المستثمرين، واكتفيت بتوزيع شريط فيديو كلمة رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، السيد سوما تشاكراباتي، في الجلسة الخاصة بفرص الاستثمار في الأردن خلال مؤتمر محافظي البنك الذي عقد في منطقة البحر الميت الأسبوع الماضي. في الجلسة التي كان رئيس الوزراء هاني الملقي المتحدث الرئيسي فيها، ألقى تشاكراباتي كلمة افتتاحية تناول فيها أوجه التعاون بين البنك والأردن التي وصفها بقصة النجاح، ثم عرض بشكل مذهل للنجاحات الأردنية في مجالات الاستثمار المختلفة، والفرص المتاحة أمام المستثمرين، والإصلاحات التي تحققت في عديد الميادين، خاصة على مستوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتوقف بالتفصيل عند مشاريع بعينها والخطط المستقبلية، مشيرا بشكل خاص لما تشهده مدينة العقبة من عمليات تحديث وتطوير في المنشآت الكبرى.
ربما تكون معظم المواضيع التي تطرق إليها رئيس البنك الأوروبي، سبق وأن تناولها القائمون على تلك القطاعات، والوزراء من أصحاب الاختصاص، لكن تشاكراباتي، عرضها بطريقها مبهرة ومقنعة ومستندة إلى حقائق قائمة. والأهم من ذلك أن هذه الشهادة بحق الأردن جاءت من مسؤول دولي وليس أردنيا.
فمن الطبيعي أن يقوم المسؤول الأردني بهذا الدور، لكن سيخرج لك من يردد المثل الشعبي: “مين بقول عن زيته عكر”. صحيح أن للبنك الذي يرأسه تشاكراباتي، مصلحة في جذب المزيد من الشراكات العالمية للاستثمار في الأردن، لكن بنكا بهذا الحجم يستطيع أن يستثمر أمواله في عشرات الدول الكبرى والمتطورة، من دون أن يتحمل عناء المغامرة في بلد صغير ومحدود الموارد كالأردن، ويقع وسط منطقة مضطربة.
يبدو أن الرجل قد آمن بالأردن وبقدرته على أن يصبح أنموذجا في المنطقة والعالم، لدرجة تفوق إيمان بعض من أبنائه ومسؤوليه.
إن الكلمة التي ألقاها تشاكراباتي متداولة بين المسؤولين، وقد أرسلها لي أحد الأصدقاء مشكورا، وأنصح بأن يتم تعميمها على جميع العاملين في قطاع تشجيع الاستثمار، ورجال الأعمال الأردنيين والمشرعين في غرفتي الأعيان والنواب، للاستفادة مما ورد فيها من معلومات عن فرص الأردن، واستخدامها في اجتماعاتهم مع نظرائهم الأجانب، وتوزيعها على معارفهم خارج البلاد من رجال أعمال وأصحاب شركات تبدي اهتماما بالاستثمار في الأردن.
سيفيدنا ذلك في استعادة الثقة بأنفسنا وسط حالة الإحباط المخيمة، وإدراك قدراتنا الكامنة على تحدي الظروف الصعبة، وتقدير إنجازات من حولنا يعمينا المناخ السائد عن رؤيتها. في تلك الجلسة، تحدث رئيس الوزراء بإسهاب عن إنجازات تحققت، وخطط مستقبلية ضمن رؤية الأردن 2025، وتقاطعت مضامين مداخلته مع ما ورد في كلمة رئيس البنك الدولي.
لكن بما أن كلام المسؤولين لم يعد يلقى آذانا صاغية، ويقابل بالتشكيك، استنادا لتجارب الأردنيين المريرة مع الوعود، فأنتم مدعوون للقفز عن كلمة الملقي، والاستماع لتشاكراباتي.
لا أظن أن ذلك سيزعج الرئيس ما دام الهدف يصب في خدمة الصالح العام.