السيناريوهات الأربعة لجلسة النواب صباح الاحد القادم

حرير – بكل تأكيد لن يبني المواطنون امالا عراض على الجلسة النيابية التي ستناقش ملف الطاقة الاحد القادم، فلن يحتمل الناس صفعة اخرى وخيبة امل جديدة، لا سيما ان جميع المؤشرات تشي بان الحكومة استعدت لكافة السيناريوهات، وتستطيع سحب فتيل مواجهة محتملة مع مجلس النواب الذي اعلن بالاغلبية المطلقة رفضه لاتفاقية الغاز.
حكومة عمر الرزاز التي تبنت اتفاقية الغاز ودافعت عنها، ودخلت حيز التنفيذ في عهدها، استطاعت ان تلتف على قرار النواب الغاء الاتفاق عن طريق توجيهها سؤالا للمحكمة الدستورية حول احقية مجلس النواب بمناقشة اتفاقية الغاز. وجاءت الفتوى بان الاتفاق الذي أبرمته شركة الكهرباء الوطنية مع اسرائيل عام ٢٠١٦ لتزويد المملكة بالغاز من حقل ليفياثان البحري، بقيمة عشرة مليارات دولار، لا تتطلب موافقة مجلس النواب!
لا نعرف نموذج حكم “ديمقراطي” في العالم أجمع يقرر الناس فيه بغالبيتهم العظمى رفضهم لاتفاقية وقعتها شركة تابعة للحكومة، كما يجمع مجلس نوابه “المنتخب” على رفض ذات الاتفاق، وتمضي الحكومة قدما في انفاذ هذا الاتفاق رغم انف الشرعية وقاعدة الحكم! لا اعرف لماذا يحضرنا نموذج جمهوريات الموز ونحن نسرد هذه المفارقة نادرة الحدوث، في حقبة الثورات والتحولات العميقة في منطقة انهكتها ومزقتها النزاعات والحروب والعبث الخارجي وفساد النخب الحاكمة..
وحتى لا ننسى، نحن نتحدث عن اتفاقية مع عدو غاصب، ودولة احتلال وحشية، وليس فقط اتفاق عابر شروطه غير عادلة واذعانية ولا يحقق مصلحتنا الاقتصادية والامنية والسياسية..
على كل حال نعود الى السؤال الهام، ما الذي سيحدث في جلسة الاحد القادم، وما هي السيناريوهات المتوقعة؟
السيناريو الاول: لعبة القانون
وقع ٥٨ نائبا على مذكرة نيابية طالبوا فيها مجلس النواب التقدم بقانون لمنع استيراد الغاز الاسرائيلي، وهو المقترح الذي أكد رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب عبدالمنعم العودات بأنه جاهز للعرض على المجلس لاتخاذ قرار حوله في جلسة الأحد القادم..
المشكلة في هذا المقترح أنه سيضمن شراء الكثير من الوقت للحكومة، حيث سيجري التصويت على المقترح، وبعد اقراره فإن مشروع القانون سيرفع للحكومة التي ستقوم بتحويله لديوان التشريع الرأي الذي سيخضعه للدراسة والمراجعة وبعد ذلك سيقوم الديوان بتقديم تواصياته، وبعدها سيحول الى مجلس الوزراء الذي بدوره سيناقشه في احدى جلساته الاسبوعية، وبعد اقراره، سيعود لمجلس النواب من جديد.. وسيبدأ عندها مارثون التصويت، وبعد اقراره ايضا سيذهب الى مجلس الاعيان، وبعدها سيكون المشروع بحاجة الى توشيحه بالارادة الملكية، ولا نظن ان هذه العملية المضنية ستجري في الوقت القصير المتبقي من عمر المجلس الحالي…
إذا هو سيناريو التفافي على الاجماع النيابي الرافض للاتفاقية، ومن خلاله ستضمن الحكومة خروجها من المأزق والمواجهة، وسيجري ترحيل الازمة لمجلس النواب القادم والحكومة القادمة..
السيناريو الثاني: حجب الثقة
قد تتطور الامور في الجلسة النقاشية يوم الاحد القادم، اذا ما تمسكت الحكومة بموقفها المستند لفتوى المحكمة الدستورية، الذي جاء فيه ان مجلس النواب لا يملك الحق في مناقشة هذه الاتفاقية ، وانها ملزمة بتنفيذ الاتفاق في هذه الحالة ..
هناك مذكرة وقع عليها ٢٩ نائبا تطالب بحجب الثقة عن الحكومة التي ادارت ظهرها لارادة مجلس الشعب ، وفي هذه الحالة قد ندخل في معضلة مركبة من حيث ارتدادتها السياسية ، واثرها على الموقف الشعبي من الحكومة والنواب ..
الثابت ومن خلال تجربتنا الطويلة من مذكرات حجب الثقة، بانها جميعا قد افشلت، وان الحكومة واجهزتها واذرعها تتعامل في غاية الحساسية مع هذا الاستحقاق الدستوري، فهي لن تسمح ابدا بتمكين النواب من حجب الثقة عن حكومة، لذلك فان الحصول على ٦٦ صوتا يعد بمنطق الاشياء ضربا من ضروب الخيال. ولكن ماذا لو صوت مثلا خمسون نائبا لصالح حجب الثقة ولم يصوت اكثر من عشرين نائبا لصالح بقاء الحكومة؟ الا تعتبر هذه الحكومة في هذه الحالة ساقطة سياسيا؟!! كيف سيكون موقف النواب الداعمين للحكومة، ونحن نتحدث هنا عن ان تصويتهم هذه المرة لصالح الحكومة يعني بالضرورة تصويتهم لصالح اسرائيل-اتفاق العار مع العدو الصهيوني-؟ كيف سيواجه النواب -في هذه الحالة- قواعدهم الشعبية ونحن مقبلون على انتخابات نيابية حامية الوطيس؟
للاسباب انفة الذكر نستبعد هذا السيناريو ، ونظن ان الحكومة وادواتها داخل المجلس وخارجه ستتجنب الوصول الى هذا السيناريو باي ثمن ..
السيناريو الثالث: تهريب النصاب او تعطيل الجلسة
قد تلجأ الحكومة للعبث، وربما تدفع بكامل ثقلها ووزنها لتهريب نصاب جلسة الاحد القادم، وذلك لافشال الجلسة وارجاء المناقشات لاشعار اخر..
الذي يجب ان يدركه النواب قبل غيرهم ان الناس جميعا ستتابع مجريات الجلسة ،وستتابع بدقة متناهية ما سيحدث ،ناهيك عن حقيقة ان هذه الحركات ما عادت تنطلي على احد ، واللجوء الى هذا السيناريو سيضع الجميع في مرمى نيران الرأي العام الذي ستتولد لديه قناعة راسخة بان هناك قوى خفية ومراكز قرار تعطل الجلسة والنقاشات وبذلك سيتضاعف السخط على الاتفاق والحكومة والنواب .
الحكومة قد تذهب الى ابعد من ذلك في عبثيتها، فلقد توظف اذرعها داخل المجلس لتعطيل الجلسة، من خلال افتعال ازمة او مشاجرة قد تدفع رئيس المجلس لرفع الجلسة وارجاء المناقشات لاجل غير مسمى ..
وهذا سيناريو مكشوف، وبلا شك سيضع االحكومة والنواب في حرج شديد ..
السيناريو الرابع :حل مجلس النواب او صفقة التمديد له
هناك بعض الاجتهادات تؤكد ان الملك وبعد اقرار الموازنة العامة للدولة قد يتخذ قرار حل مجلس النواب وقبول استقالة الحكومة..وهو السيناريو الذي نستبعده تماما لخطورة دلالاته السياسية ، ولكون هذا القرار سينقل كرة اللهب من الحكومة والمجلس الى القصر الذي نأى بنفسه منذ البداية عن السجالات المتعلقة باتفاق الغاز …
اما سيناريو التمديد لمدة سنتين او اقل من ذلك ،بعد ترتيب صفقة او توافق مع النواب للقفز عن هذه القضية فهو مستبعد تماما، على قاعدة ان الدفاع عن هذا الاجراء غير ممكن باي حال من الاحوال …
ويبقى ان نسأل: هل ستدافع حكومة عمر الرزاز فعلا عن الاتفاقية ؟ هل ستدافع وزيرة الطاقة هالة زواتي ، هل ستعتلي المنبر للدفاع عن الاتفاقية ؟ ام ستتمسك بذات الحجج الواهية المتعلقة بكون الاتفاق بين شركتين وان الحكومة لا علاقة لها بالامر ؟
التاريخ لا يرحم ايها السادة اعضاء الفريق الوزاري، اعضاء مجلس النواب الموقر ، الناس لن تنسى موقفكم من هذه الاتفاقية ، لن تنسى كيف تواطأتم وتآمرتم وصمتم عن رهن مستقبل دولتنا بكيان مارق محتل ،لن تنسى كيف تجاهلتم الرأي العام والتحذيرات .. هي لعنة ستلاحق مسيرتكم السياسية والمهنية ،لن ننسى كيف مررت هذه الحكومة هذا الاتفاق ….
انها ساعة الحقيقة لمجلس النواب ، فهل سنشهد مفاجآة ،ام انه ذات المشهد المؤسف …
Jo24

مقالات ذات صلة