الأزمات الاقتصادية أسبابها سياسية

الأزمات الاقتصادية أسبابها سياسية

 

خالد الزبيدي

الأزمة الاقتصادية الحالية لم يعشها لبنان منذ العام 1914، اكد ذلك نبيه بري وقال ان الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بلاده كانت بنحو 50 بالمئة لأسباب سياسية، وهذا تشخيص دقيق الى حد ما، فالازمات الاقتصادية في معظم الدول العربية اسبابها غياب الديمقراطية والحرية والتجاوز على تداول السلطة، وتغييب الاحزاب السياسية وتشويه مسيرتها، لذلك لا نجد احزابا سياسية في المنطقة تقود السلطة و / او تمارس دور الرقابة عليها، والاصلاح السياسي والاقتصادي لدى كثيرين هو بمثابة ديكور ودليل ذلك عدم إحراز تقدم في الحياة السياسية والاقتصادية بشكل عام.
ما نراه في لبنان الذي يشهد ازمة حقيقية ماليا واقتصاديا وسياسيا، علما بأن لبنان كان يوما سويسرا العرب من السياحة والخدمات المالية، الا ان الاسباب السياسية ادت الى الحرب الاهلية في العام 1976، وامتدت الى سنوات ثم تدخل الكيان الصهيوني باجتياح لبنان في حزيران من العام 1982، واحتل اول عاصمة عربية بيروت، وبعد ان خرج  بعد سنوات مذعورا من الاراضي اللبنانية، الا ان الازمات تتوالد وتركزت على الجوانب الاقتصادية والمعيشية.
الفساد السياسي والاقتصادي قاده حكم المصرف كما قيل في شعارات الاحتجاجات اللبنانية مؤخرا، فكبريات البنوك اللبنانية مملوكة بنسبة مؤثرة لمصارف امريكية التي بدورها مملوكة لمستثمرين يهود، اي ان هناك حبلا سريا للعلاقة بين التأزم المالي والاقتصادي اللبناني والمصارف الامريكية، اما سياسيا فالادارة الامريكية ومعها الشانزليزيه يجتهدون لعرقلة اي حل للأزمات التي تنخر في الاقتصاد والمجتمع اللبناني.
نقطة اللاعودة في الازمة الطاحنة في لبنان ارتفاع الدين العام الذي يتجاوز 150 % نسبة الى الناتج الاجمالي في ظل خلاف كبير بين القوى السياسية التي تتحرك من اليسار الى الوسط فاليمين والتطرف، فالجميع يستند الى قوى خارجية من امريكا ونظم عربية الى ايران وروسيا، فهذه المتغيرات تعرقل على سبيل المثال البدء باستثمار الغاز الطبيعي قبالة الشواطئ اللبنانية، وهذا التأخير يرتبط بتفاهمات اقليمية ويحاول تحالف واشنطن / تل ابيب الاستحواذ على الحصة الكبرى وإبعاد الاخرين عن حصصهم، لذلك تبقى المنطقة محل نزاع كبير قد ينفجر في اي لحظة مع تأثير كبير لكل من روسيا وتركيا.
حالة الدولة اللبنانية نموذج لاتجاه الدول التي تقدم السياسة على الاقتصاد، وتقدم المصرف على المصنع، وتفضل المستورد على المحلي، وتفضل القوة على الحوار ..كل ذلك يقود الدولة الى المجهول وتنزلق الى الفوضى والهاوية ..علينا الانتباه لما يجري حولنا والاستفادة من اخطاء الآخرين.

مقالات ذات صلة