هل نحن بخير ؟… أحمد حسن الزعبي

قال لي أحدهم: لم تعد ساخراً كما كنت..قلت له: وهل الموجوع يَضحكُ او يُضحِك؟..صدّقوني أني موجوع ، وموجوع جداً..منذ أربعة عشر عاماً وأنا اكتب ،وأمارس رسالتي التصليح والإصلاح قدر الإمكان، تارة بالابتسامة وتارة بالجدّية والاحتداد.. لا أرتجي من هذه الزاوية مصلحة شخصية ولا قربى من احد ولا شعبية ولا رضا سوى رضا الله ووطني وأبناء بلدي..ما الذي تغيّر؟ السلوك بانحدار ،والتغوّل بتوسّع،و الاختباء بهالة المنصب صار يشرعن للفاسد والأزعر والبلطجي ان يفعل ما يشاء بالناس والضعفاء ومن هم تحت سطوة وظيفته..

لم تعد عبارة “سلوك فردي” أو “ظاهرة دخيلة” تسكّن أمراضنا المزمنة، الوطن يتآكل ،نحن نأكله ونضعفه بصمتنا،و”طبطبتنا” على أخطاء الأفراد والمؤسسات ومن يدّعون أنهم يملكون حصانة لا يحق لأحد أن يحاسبهم أو يوقفهم عند حدّهم ، سيادة القانون صارت على الضعيف فقط، أما القوي والمسنود فهو فوق القانون بحدّ ذاته،صدقوني إن لم ننتبه للوطن أو ما تبقى منه حتماً سنفقده وعندها لن يفيد الندم..
البلطجة السياسية لا تختلف كثيراً عن بلطجة الشوارع،عندما تعفي الحكومة موظفين كبار في الدولة من ان يسدّدوا حقوق المال العام ويعيدوا ما أخذوه بغير وجه حق من سُلف ومكافآت وبدلات – وبحسب تقارير ديوان المحاسبة – تبرئ الحكومة نفسها وتعفي أتباعها والمحاسيب بإصدار الإعفاء، فهذه بلطجة لا تختلف عن بلطجة الشوارع وممارسة الاستقواء على الآخر…
عودة الى بطلجة الشوارع “بعباءة الرسمية”..قبل شهور تعرّض أكاديمي وأستاذ جامعي للضرب من مجموعة جاءته بغطاء رجال الأمن،وقبل أسبوعين حطّم “زعران” محل للوجبات السريعة بإيعاز من نائب ، وهذا الأسبوع يقوم شخص ينتمي إلى أرفع وأنظف وأخلص مؤسسة في الوطن بترؤس عصابة وبمساندة له من بعض الزملاء ليمارس بلطجته على مواطن أعزل في شارع عام ، المارون كانوا يرون الدم النازف دون أدنى شجاعة أو مروءة لإنقاذه أو تخليصه من قبضة المعتدين.فعن أي سيادة قانون وعن أي وطن نتحدث؟؟..
من صمت على الظلم راحت عليه، ومنا رزق بعشيرة كبيرة او جازف باسمه قد يستعيد بعضاَ من حقه، هذه هي الشريعة الجديدة فعن أي سيادة قانون نتحدّث؟
**
لا تهاون ولا صمت ولا سكوت بعد الآن..صار لازماً على المؤسسات أن تنظّم نفسها وتنظّف نفسها ممن يحتمون باسمها وشعارها ، صار لازماً تأديب كل من تسوّل له نفسه ان يضرب بيد من بطش وظلم وقهر وفوقية واحتماء ومحاكمته على الملأ..نتغنّى بالأمن والأمان وحوادث السطو بازدياد وحوادث السلب بازدياد وحوادث الزعرنة بازدياد،ولا نرى أنياب القانون ولا هيبته الا على المخلصين الذين ينشدون الإصلاح والتغيير.
إن لم نعترف بأننا في أزمة فسنبقى نغترف من هذا العفن وهذا “القيح” المزمن المختبىء خلف المؤسساتية والنفوذ..
نحن لسنا بخير ومن يقول غير ذلك..فإنه جزء من هذا الخراب

احمد حسن الزعبي

مقالات ذات صلة