مرآة غزة تعري العالم

جهاد المنسي

حرير- في غزة إبادة جماعية، وفي غزة صمود أسطوري، ومقاومة شرعية، وفي غزة تسقط إنسانية العالم، ويتلاشى حياد الإعلام والصحافة وقنوات فضائية، وتصمت الأمم المتحدة، ويتلاشى ما تبقى من جامعة عربية، ويظهر انحياز الغرب وكيله بمكاييل مختلفة، ورؤيته بعيون الصهاينة والقتلة وتغاضيه عن المجازر المرتكبة بحق شعب أعزل.

في مرآة غزة، تتعرى حكومات الغرب ويكشف انحيازها وتصفيقها للقاتل والجلاد، ووقوفها مع النازي المحتل، في مرآة غزة يتعرى العالم وتسقط المواقف المتخاذلة، ويُكشف عور العالم وهشاشة الأمم المتحدة، وفي مرآة غزة تظهر أكاذيب منظمات حقوق الإنسان ومنظمات مدنية عالمية، وصمتها عن استخدام الفسفور الأبيض المحرم دوليا، وإبادة جماعية ترتكب بحق شعب أعزل، وقتل مدنيين في بيوتهم، وتهدم مستشفيات تعالج جرحى وتستقبل شهداء، واستهداف صحفيين يغطون الأحداث.

وفي مرآة غزة نكتشف أن الحياد الإعلامي كذبة كبرى أطلقها الغرب للسيطرة على إعلام عربي ما زال يستضيف الجلاد عبر فضائه، ويدخله بيوتنا ويناقشه، ويجادله ويسمح له بتقديم رؤيته، حياد إعلامي لا يمارس إلا علينا نحن العرب، وعلى الفلسطينيين على وجه التخصيص.

وقطاع غزّة أيها السادة، هو عبارة عن المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، وهو على شكل شريط ضيق شمال شرق شبه جزيرة سيناء المصرية يشكل تقريبا 1،33 % من مساحة فلسطين التاريخية (من النهر إلى البحر)، ويمتد القطاع على مساحة 360 كم مربع، حيث يكون طوله 41 كم، أما عرضه فيتراوح بين 6 و12 كم، ويحده الكيان الصهيوني شمالا وشرقا، بينما تحده مصر من الجنوب الغربي، ويقطنه ما يقرب من 2 مليون نسمة.

وفي قطاع غزة، مقاومة مشروعة، فـ”هل تسكت مغتصبة”، وفي سماء غزة أطنان من المتفجرات والمئات من الطائرات تقصف مواطنين وتستهدفهم، تقتل أطفال ونساء وشيوخ وشباب، وفي غزة صهاينة ونازيون جدد يحاصرون القطاع، ويمارسون إرهابا داعشيا على ما يقرب من 2 مليون نسمة، فيقطعون عنهم الماء والكهرباء والهاتف، ويهدمون البيوت فوق رؤوس أصحابها.

وفي قطاع غزة احتلال يأمر سكانا بالهجرة أو الإبادة، وطواقم صحفية تستشهد، وعائلات تباد، وأرحام تفتت ويخرج الجنين منها بفعل آلة القصف الصهيوني، فهناك حيث لا يرى العالم حربا حقيقية تقوم بها قوة الاحتلال ضد شعب، وعلى الهواء مباشرة.

وفي العالم أيها السادة، صمت مخجل، يعرّي كل المواقف الكاذبة التي أوجعوا رؤوسنا بها حول حقوق الإنسان، وحق الأطفال والنساء، وحق الإعلام بالتغطية الصحفية، العالم يذهب رياضيا وشعبيا لمساندة مثليين يمارسون أفعالا خارج إطار الطبيعة البشرية، ويريدون منا التعاطف معهم، وينسون حق الناس الطبيعيين في الحياة والعيش الكريم، يريدون منا التعاطف مع أوكرانيا ضد روسيا التي تدافع عن أمنها القومي وحدودها ضد تمدد الناتو المنحاز، ولا يريدون التعاطف مع فلسطين ويحذرون كل من يتعاطف معهم.

نعم العالم أعوج، يريدون من الشعب الفلسطيني الصمت عن ممارسات القتل والتدمير والتهويد والأسر دون أن يكون لهذا الشعب حق في المقاومة التي نصّت عليها الشرائع الدولية، فالمقاومة حق محصور في أوكرانيا ويسقط عندما يصل للشعب الفلسطيني الأعزل، فهناك تدعم أوكرانيا بالعتاد والمؤمن والأسلحة، وفي غزة يعاقب الشعب بالقتل والتهجير عندما يقاوم.

أيها السادة، ألا تعلمون أن الكيان اغتصب أرضا ليست له، وهجر شعبا من بيته، ولكل من يسأل أين يذهب المحتلون؟ نقول لهم يعودون من حيث أتوا من دول الغرب والولايات المتحدة وبولندا وغيرها من دول كانوا فيها، وسكنوا في أرض لا تعود لهم وليس لهم حفية، وكل من يتعاطف معهم عليه منحهم جزءا من أرض بلاده للعيش بها.

في واشنطن انحياز، وفي أوروبا تعاطف مع قاتل وجلاد، وفي غزة أطفال تستشهد ونساء ترمل، وأحشاء تبقر، وإعلام منحاز لرواية الغرب، ولا يرى إلا ما تريد أن تراه إسرائيل، وفي غزة صمود وشعب لا يقهر، ومقاومة لن ولم تكن يوما إرهابية.

مقالات ذات صلة