طوفان الأقصى .. وضع النقاط على الحروف

حاتم الكسواني

بعد 207 أيام منذ بدء عملية طوفان الأقصى الشجاعة فإن الأوضاع قد تكشفت عن مجموعة من الحقائق والملاحظات ، فبعد كل هذه الأيام القاسية على أهل غزة والتي سيصدم العالم مما خلفته من دمار وأضرار على إنسان وجغرافيا غزة والتي لم تستطع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي أن تنقل وتجسد  تفاصيل صورها ووقائعها القاسية حق نقل وتصوير .

سيصدم المجتمع الدولي عندما تنتهي الحرب وتدخل وسائل الإعلام الدولية لتنقل قصصها وصورها ..أطفال هائمين على وجوههم  تمت  إبادة أسرهم وأطفال ونساء وشيوخ وشباب مقطعة اطرافهم ومرضى وجوعى تمكن منهم غياب الرعاية الصحية ونقص الغذاء .
وبالمقابل وبعد 207 ايام  لم تتغير  المواقف الأمريكية و الأوروبية حول غزة ،وظهر ذلك جليا في المؤتمر الإجتماعي الإقتصادي في الرياض ، حيث تميزت هذه المواقف بإصرارها على اتهام حركة حماس بأنها سبب الحرب وإصرارها على تبرئة اسرائيل من عملية الإبادة الجماعية  مع تناسي كل عمليات قتل وقهر أبناء الشعب الفلسطيني، وإحتلال أرضهم منذ 75 عاما التي دفعتهم إلى المقاومة لنيل حقوقهم الوطنية المشروعة  .

وتواصل العقلية الأمريكية الأوروبية غير النزيهة بالإدعاء  بان حماس لا إسرائيل  هي التي تعطل تنفيذ صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار .
وبكل صفاقة لا يعترف الامريكيون و الاوروبيون بعملية الإبادة الجماعية التي نفذتها إسرائيل  بحق أهالي غزة بل أنهم لا يرون توفر  أي دليل على حدوثها رغم توثيقها بالصوت والصورة  بشكل يومي .
وعندما يقول بلنكن بأن أمريكا لن تؤيد عملية عسكرية إسرائيلية لإجتياح رفح فهو يعترف ضمنيا  بأنها ايدت كل العمليات العسكرية الإبادية التي سبقتها .

وتمعن قوى الشر الامرواوربية في خطابها إتجاه غزة فهي تسم المقاومة الفلسطينية المشروعة بالإرهاب وتحاول  مرارا وتكرارا  على تأكيد صورة مظلومية العدو الصهيوني كشعب مضطهد تعرض للهولوكوست الذي  بدعواه  وتحت ظله  تم زرعه في الوطن الفلسطيني على حساب حرية  الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بوطنه ووطن اجداده منذ آلاف السنين  ، وكلما وجهت سهام الإتهام له بالإجرام وتنفيذ عملية  الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني هبوا بالدفاع عنه واتهام كل من يدينه بمعاداة السامية ، وتمثل ذلك جليا بموقفهم المشيطن والمعارض لهبة الجامعات الأمريكية التي ثارت تأييدا لحقوق الشعب الفلسطيني ومظلوميته .

وهاهي قوى الشر الحاكمة من قيادات الحرس القديم الأمريكية والأوروبية المنضوية تحت لواء الصهيونية الإنجيلية تضرب عرض الحائط بكل قيم الديموقراطية وحرية التعبير ”  التي اعتدت باسمها على مصالح دول وشعوب امتنا العربية ” في مواجهتها  لجماهير الطلبة في الجامعات الأمريكية التي ثارت من أجل الحفاظ على تلك القيم والوقوف في وجه دكتاتورية الإنجيليين الصهيونية  الذين يستبدون عندما يتعلق الأمر بمصالح إسرائيل ويرون في حراكات الطلبة الحرة حول العالم  معاداة للسامية ،  و يعتبرونها انكارا لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وكأن إسرائيل  لم ترتكب أبشع جرائم العصر الحديث ضد الإنسان والإنسانية وضد الجغرافيا وكل أشكال ومكونات الحياة في غزة .

وكل المعلومات تشي بأن  الامريكيين والأوروبيين يصرون على تنفيذ مخططاتهم المرسومة لمستقبل غزة في أن تصبح  غزة منطقة تصنيع كبرى تشمل مشاريع اقتصادية كبرى كمشروع قناة بن غوريون التي تصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر..  وهي قناة ستلغي منطقة طابه المصرية ..  ناهيك عن شمول المخططات  لمشاريع سرقة  نفط وغاز غزة المقابلة لشواطئها .. اما مواطنو غزة فإنهم يخططون بأن يكونوا  الأيدي العاملة الماهرة الرخيصة التي ستستغلها العقلية الإستعمارية الأمريكية الاوروبية لتنفيذ مخططاتها بدعوى تحسين أوضاع فلسطيني غزة الإقتصادية .

ولكن غزة تنفرد بأثرها في تحرير العالم .. ومن أجلها تخرج الشعوب إلى كل الساحات .
غزة تثبت، أنه مازال في العالم شعوب حرة ترفض الظلم وتناصر المظلوم ، وتثبت بأن الشعوب العربية وحدها مازالت مغيبة  يؤنسها الظلام ، ويخيفها ضوء الشمس .

فهاهي غزة تثبت بان الشهادة حقيقة وأن دم الشهداء له رائحة المسك .. ففي غزة عرفوا رائحة المسك واستنشقوها  ..  بل ان  بعضهم احتفظ  بقطرات من دماء الشهداء ليحتفظ برائحة المسك  ،
وهاهي غزة تنصب الشعراء .. فغزة  على لسان الضيف، تنصب تميم البرغوثي  شاعرا للمرحلة

** فلقد عرفنا الغزاة قبلكم … ونشهد الله فيكم البدع.
سبعون عاماً وما بكم خجل … الموت فينا وفيكم الفزع. أخزاكم الله في الغزاة … فما رأى الورى مثلكم ولا سمعوا”.

وغزة تعيد للتدين والإيمان مكانته ، وتجهر بأنهما سر الصمود .
وبالصمود  شعب غزة على غزاته ينتصر :

” لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأتِيَ أَمْرُ اللهِ، قِيلَ: أَيْنَ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟! قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ”

وفي كل مناسبة حول العالم وبسبب ماجرى بغزة وإعجابا بمقاومة غزة وصمود أهل غزة الأسطوري يتسابق المشاهير بإعلان تأييدهم للقضية الفلسطينية ، ورفضهم للحركة الصهيونية ومؤيديها من الإنجيليين المسيحيين الصهاينة في امريكا واوروبا ولعنهم للإبادة الجماعية ومنفذيها .

والدائرة يوما بعد يوم تضيق على الجيش الإسرائيلي وقادته العسكريين والسياسيين المرعوبين من صدور مذكرات اعتقال بحقهم من محكمة العدل الدولية .

والدائرة أيضا تضييق على بايدن وأعوانه في الإدارة الأمريكية الذين إقترب إسقاطهم في إنتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة .

الدائرة تضيق على المطبعين العرب الذين اكتفوا بالبيانات التنديدية والتمنيات،  ولم يأخذوا أية مواقف عملية لتأييد أهل غزة فما عملوا على فك الحصار ، ولا عملوا على إدخال المساعدات والخدمات والكوادر الطبية ، ولا اسسوا التكايا ، ولا اوصلوا السلاح والعتاد .

فبعد حرب غزة ليس كما قبلها .

مقالات ذات صلة