حوافز بانتظار “منسف سياسي”

حوافز بانتظار “منسف سياسي”
حسين الرواشدة

حزمة الحوافز التي قدمتها الحكومة امس اشبه ما تكون بوجبة سريعة استبقت بها حالة الجوع المتراكم لدى اغلبية الناس للاصلاح الاقتصادي الحقيقي ، لا احد بالطبع يتوقع اكثر من دلك ، فحتى من انتظر وجبات دسمة ” منسف سياسي ان شئت ” يدركون تماما ان حركة الحكومة جاءت في سياق استحقاقات فرضتها حركة الجماهير ، سواء في الاقليم الدي خرج فيه “ما رد ” الاحتجاجات من قمقمه ، او في الداخل الدي قد تنتقل اليه تلك العدوى بسرعة .
قبل اشهار الحزمة ، تعمدت الحكومة ان تصارح الناس بان ” حزمتها ” محصورة فقط في تنشيط الاقتصاد وتحفز الاستثمار ، تعمدت ايضا ان تطلق ” لا ” مرتين : الاولى ان الحزمة لا تتضمن اي قرارات لتخفيض الضرائب او الجمارك، والثانية انها لا تشمل القرارات المتعلقة بعلاوات للعاملين في القطاع العام لان نظام المدنية ما زال قيد المراجعة، ثم انها تعمدت اخيرا ان تتجاهل قضية مواجهة الفساد الاداري والمالي او محاسبة المتورطين فيه ، على افتراض ان دلك لا يشكل اي عائق امام حرية الاقتصاد او جلب الاستثمار .
لا يهم ، فأي خطوة ايجابية تقوم بها الحكومة في مسار تحسين اوضاع الناس تستحق الاحترام ، لكن هدا لا يمنع ان نصارح الحكومة باسم كل من ينتظر ” بزوغ ” فجر الاصلاح بان ما يفكر فيه وما يبشرنا به المسؤولون يبدو ” متواضعا ” امام الامال الكبيرة التي يعلقها الناس عليهم ، وامام الاخطار التي تحيط بنا ، وامام استحقاقات المرحلة التي نمر بها ، وامام صبر الاردنيين الطويل وتضحياتهم ،وانتظارهم للفرج .
نقول : شكرا للحكومة على تلك الحزمة من الحوافز الاقتصادية ، لكن نريد ان نسمع اخبارا اخرى ، ارجوكم فكروا خارج الصندوق، اسعدوا الناس بمقررات لا بمجرد اجراءات ، ارفعوا الغطاء عن الفاسدين الدين ينبهون الاموال ويسرقون اعمار جيل باكمله ، حدقوا في عيون الناس لانهم تعبوا من الفقر والعوز ، دققوا في هدا الانين الدي تحول الى صراخ ، اخترقوا حواجز السياسة التي تعطلت حركتها واصبحت بحاجة الى ” افرهول ” جديد .
تريدون ان تعرفوا مادا يريد الناس الان ..؟ العدالة فقط يا سادة هي العنوان التي يمكن ان تدهبوا اليه في رزمة حوافز حقيقية تعيد الثقة بينكم وبينهم ، وتفتح امامهم طاقة الامل من جديد ، وتعيد اليهم الاعتبار بانفسهم وبلادهم، العدالة فقط متى كانت حقيقية ونصبب موازينها امام الناس هي الحافز الاهم للبناء والانتاج ، والاحساس بالوطن وهمومه ، والصبر على الحاجة والعوز والتضحية بكل شيء لاجل الوطن .

باختصار ، اختبار الحكومة عنوانه “القضايا الكبرى” لا التفاصيل ، والافعال لا مجرد التوجهات والوعود ، فما تقدمه الآن كان يمكن ان يكون “انجازا” قبل سنة مثلا ، لكنه “بلغة المرحلة الجديدة” تحصيل حاصل ، فسقوف المطالب ارتفعت ، وأمل الناس “بالاصلاح” أصبح أكبر من ان تشبعه الدعوة الى “حوافز اقتصادية ” ، مهما كانت طبيعتها ، والوقت – ايضا – لا يعمل في مصلحة الحكومة ، فكل يوم تتأخر فيه عن الدخول في “معركة” الاصلاح يكلفنا أكثر مما نتوقع.

بوسعنا أن نقول مرة اخرى : شكرا للحكومة على خطواتها واجراءاتها ، ولكننا نريد اخبارا اخرى ، اخبارا دسمة ، تنسجم مع “الاصلاح الحقيقي” الذي وعدتنا به.. وتقنع الناس بأن محطة الانطلاق تغيرت فعلا ، وبأن قطار “التغيير” يسير بسرعة أكبر ، في الاتجاه الصحيح الذي تعرفه الحكومة.. ويعرفه الناس أيضا.

مقالات ذات صلة