أحزاب..فص ملح وذاب.. يوسف غيشان

وين الملايين..أعتقد انه اسم لأغنية ما …. لكني لا أقصدها هنا ….كما أنني لن أسأل عن الملايين، لا بل المليارات، التي سرقت في ليلة مشمسة، فالفساد «أتمّ اصطفافه» وصار جزءا لا يتجزأ من نسيجنا الاجتماعي ،للأسف غير الشديد.

 فثعلب الفساد فات….. فات ، ولفلّه سبع لفّات، والذئب لم يأكل ليلى ، بل صار «قرنا» لها رغما عنها.
لن اسأل عن الملايين الورقية ولا الذهبية: الملايين المقصودة هي  الهيئات العامة للأحزاب الحاكمة في الكثير من الدول، التي صارت مثل فص بدون ملح..ذابت فور انهيار السلطة، ولم تعد ترى بالعين المجردة، ولا من عين الباب، ولا من «عين جرادة» …. وكل عين تعشق حليوه وانتي حلوة في كل عين . وبالتأكيد فإن لدى القارئ أمثالا اكثر مما اتذكر في هذه اللحظة.
الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي ، ليلة انهيار القيادة ، لم ينهر الحزب فحسب، بل اختفى عن الوجود بملايينه الموزعة على قارتين، ولم نعد نرى منه سوى مجموعة – بالعشرات-  من الانتهازيين الذي غيروا مبادئهم كما يغيرون ملابسهم، وانضموا للقيادات اللاحقة المعاكسة لفكر الحزب، وتحولوا من بني ادميين الى بني ادم سميث. وهذا ما حصل تقريبا في معظم دول المنظومة الاشتراكية.
في تونس، ما ان وضع بن علي قدمه على سلّم الطيارة هاربا من الثورة، حتى اختفى مليونان من البشر هم المسجلون رسميا ومعهم هويات في حزبه الحاكم،  اختفوا كأنهم لم يكونوا يوما ولا شهرا ولا سنة.
وهذا ما حصل مع رجال  القذافي في ليبيا، وذابت مليارات الدولارات التي صرفت على ندوات ومحاضرات ومنشورات تشرح الكتاب الأخضر، وكتب الكثير منهم  كتابه على احد فصائل ما يسمى بالثوار الجدد.
وهذا حصل مع الحزب الوطني الحاكم في مصر أبو الـ98 % من الأصوات…وهو رقم بالملايين بالتأكيد ، رقم انمحى تماما من المعادلة بممحاة  شباب التحرير.
وكان هذا ما حصل في العراق ، عند عبور اول دبابة جسر بغداد، ولم يتبق منه سوى مجموعة مقاومة نحترمها ونجلّها ، لكنها  لم تحتفظ بمسماها الحزبي ، بل تحولت الى مقاومة صوفية. صوفية صوفية …ولا البلاش!.
هذا ما اذكره في هذه اللحظة، لكن ، بالتأكيد هناك امثال كثيرة حصلت، وأمثال كثيرة ستحصل، لأن الميّة بتروب، لكن الديكتاتورية لا تتوب.

مقالات ذات صلة