نذير رشيد والسقوط في بحر وطنية الشهيد وصفي التل

بقلم زهير العزة

حرير –
شخصياً انا لا اقوم بالمقارنة بين شخصية القائد البطل الشهيد وصفي التل رحمه الله ، وبين شخصية السيد نذير رشيد السقال ، بل احاول تقويم ما صدر من اعوجاج مما اطلعت عليه عبر المقابلة التي اجراها موقع عمون مع الوزير الاسبق ومدير المخابرات الاسبق السيد نذير رشيد السقال وتناول فيها بعض القضايا والملفات ، ومنها واهمها ما طرحه حول مشروع الشهيد وصفي التل المتعلق بتحرير فلسطين ، والذي قال عنه “اجندة خاصة لوصفي التل او برنامج خاص وفرصة لم تتاح له” ، والملف الثاني ما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية التي وصفها “بالزعران وبلا اخلاق ونشتليه”
اما الملف الثالث حول التشكيك بولاء الاردنيين من القوات المسلحة والعشائر وموظفي الحكومة ” حينما قال اخترقونا في الجيش والحكومة والعشائر ” وقال “اشترونا” .
بدايةً انا ابن أحد الذين اصيبوا اصابة حرجة برصاص الفدائيين عام الـ70 في منطقة ام اذينة في منزل سمو الامير رعد بن زيد اطال الله في عمره وحفظه الله “وهو صاحب الايادي البيضاء التي ساعدت الكثير من الاردنيين وعائلتي منهم” حيث كان والدي يعمل بمعيته في تللك الفترة “، واستمر والدي يعاني لسنوات حتى توفاه الله ، وهو من الذين كانوا على الارض يواجهون وليس من مكاتب محمية بالحراسات وبالتالي لا اعتقد ان احدا ما يستطيع التشكيك بوطنيتي واخلاصي لبلدي الاردن .
وبالعودة الى ملفات السيد نذير رشيد السقال الذي اطربنا ببطولاته والتي لم نرى منها شيء الا تعبيره عنها بالقوال قلت لفلان وقال فلان ،وبالتالي لم افهم منه الا انه وصف الشهيد وصفي التل كالمتمرد على قرار قيادته لانه يحمل “برنامج خاص به وفرصة لم تتاح له”، وهو اوحى لكل من استمع للمقابلة انه كان لدى الشهيد وصفي مشروعا انقلابيا.
شخصيا اكاد اجزم ان الشهيد وصفي التل كان من اكثر الناس اخلاصا للعرش الهاشمي ولم يحمل في طيات كتاب خدماته لوطنه انه كان يسعى للوصول للسلطة الاولى في البلاد، وقد استمعت شخصيا للكثير من المواقف التي تؤكد ذلك من المرحوم الدكتور جمال الشاعر والمرحوم والدكتور كمال الشاعر الذي كان من الاصدقاء المقربين للشهيد وصفي التل والمرحوم مريود التل وغيرهم ، ولعل العودة الى كتاب الدكتور جمال الشاعر ” سياسي يتذكر” يؤكد ما ذهبت اليه ، وقد أعده للطباعة المرحوم الكاتب ناهض حتر، عندما كنا نعمل سويا في صحيفة صوت الشعب وصدرعن دار الريس للنشر والتوزيع في بيروت، وتم اطلاع المرحوم مريود التل على الصفحات المتعلقة بالشهيد وصفي التل قبل طباعته.
إذن التشكيك بوطنية الشهيد وصفي التل واخلاصه للعرش الهاشمي من خلال رواية السيد السقال فاقدة للمصداقية ، فهو لم يكن لديه خطة لاقتناص فرصة للاطاحة بالعرش الهاشمي ، كما فعل غيره ومنهم السيد نذير رشيد.
اما ما يتعلق ببرنامج الشهيد وصفي المتعلق بفلسطين وتحريرها ،فانني اورد عددا من الروايات التي حدثني عنها العديد من شيوخ ووجهاء جنين وقلقيلية والخليل والتي تؤكد وطنية الشهيد وصفي التل وعروبته وسعيه لتحرير فلسطين تحت الراية الهاشمية من ناحية ومن ناحية اخرى انتمائه لوطنه الاردن ، فالشهيد وصفي التل كما روى هؤلاء كان يزور المحافظات في الضفة الغربية للاردن عندما كان رئيسا للوزراء انذاك وقبل عام ،1967ويطلب من اهلها الصمود ، ويطلب من بعضهم مراجعته في مكتبه بدار الرئاسة في عمان ، ويبلغهم رسالة فحواها ان الاستعداد مطلوب لمواجهة “اسرائيل”قريبا وان المواجهة حتمية مع هذا الكيان ويشرح لهم الضغوط التي تمارس على الاردن من بعض الدول العربية والغرب لفرض سلام مع دولة الاحتلال ، كما كان يشير الى اهمية التشبث بالارض وعدم مغادرتها في اي مرحلة من المراحل .
واما قول السيد نذير رشيد السقال ان الشهيد وصفي التل كان يريد تحويل الاردن الى ارض رباط, فهل المملكة الاردنية الهاشمية ومنذ القضية الفلسطينية ولغاية الان برأي السيد نذير رشيد السقال ليست ارض رباط؟؟ فإذا كان هذا هو مشروع الشهيد وصفي التل وهو كذلك .. فنعم المشروع ونعم العمل ، اما المشروع المخزي فهو المشروع التأمري الذي كان يتم بالتنسيق مع السفارة الامريكية وبتوجيهاتها من أجل ايقاع الفتنه بين الدولة الاردنية بمكوناتها وبين المقاومة الفلسطينية لابعادها عن الحدود الاردنية الملاصقة لفلسطين من ناحية ومن ناحية اخرى اضعاف الشعور الوطني الاردني تجاه القضية الفلسطينية ،وهذا ما نجحت به مؤقتاً بعض العناصر التي وصلت الى صناعة القرار على الجانبين من الحكومات الاردنية والفصائل الفلسطينية ، ولعل من المناسب ان اذكر ما عرفته وتأكدت منه حول هذه المؤامرة ولاول مرة اذكر ذلك ، هو حول احد الذين كانوا من المقربين جدا من السيد ياسر عرفات ويدعى “محمد او محمود ” ويحمل رتبة ملازم اول على ما اذكر وكان يعمل بمكتب او جهاز في منطقة الاشرفية بعمان انذاك وتابع مباشرة للسيد عرفات ، وكان دائما ما يفتعل الازمات عبر اطلاق النار بالهواء لتشتعل سماء عمان بالرصاص بعد حالة الهدوء ،وبعد انتهاء الازمة الأليمة في الاردن انتقل مباشرة للعمل في السفارة الامريكية بعمان.. وهذا يؤكد وجود العناصر المندسة وحجم المؤامرة المستمرة على الاردن وفلسطين والامة العربية.
فالشهيد وصفي التل الذي كان مؤمناً بالحق العربي بفلسطين ليس كمن قال بالمقابلة “حافظنا على القضية الفلسطينية لاصحابها هاي قضيتكم اذهبوا خلفها” واضاف طلعناهم ويقصد هنا المقاومة الفلسطينية .
ومن هنا اوافق السيد السقال على ما قاله ان المقاومة الفلسطينية أخطأت بل وارتكب بعض افرادها وقيادتها الخطايا بحق الاردن وبحق القضية الفلسطينية “ولدي من المشاهدات الشخصية وايضا المعاناة ” ، ولكنهم اما كانوا من المخربين او المندسين على الثورة الفلسطينية ، او من اصحاب الاطماع الشخصية وقد اندثر بعضهم وبعضهم ما زال يعبث بالقضية ، ومع ذلك ليس من حق السيد نذير رشيد السقال وصف المقاومة الفلسطينية “بالزعران وبلا اخلاق ونشتليه ” التي قدم ابناء الشعب الفلسطيني وما زال من خلالها آلاف آلاف الشهداء من اجل حرية فلسطين ومن اجل كرامة الامة العربية وهذا ما قدمه الشهيد وصفي التل ثمناً حياته بالرغم من ان من اغتاله هي ادوات عميلة فلسطينية ولكن خلفها كان يقف مخطط كبير ستشكف خيوطه الايام القادمة، وايضا ما قدمه أبناء العشائر الاردنية وما قدمه ابناء الجيش وكل الاردنيين من أجل فلسطين وابناء الامة العربية بالرغم من المؤامرات والخيانات ، وبالرغم من التحاق البعض بالسفارات واجهزت المخابرات الغربية والصهيونية والذين كانوا ينسقون معهم من اجل الفتنة وشق الصفوف خدمة لصالح المحتل الاسرائيلي ، وهذا بعكس ما قال فيهم السيد نذير رشيد السقال “” حينما قال اخترقونا في الجيش والحكومة والعشائر ” وقال “اشترونا”.
ان الوطنية لاتباع ولا تشترى ، فالوطني لايمكنه تبديل سلاحه من كتف الى اخر وحسب من يدفع اكثر ، ان الوطني هو كوصفي الذي كان يزور رفيق دربه وصديقه الدكتور كمال الشاعر في مكتب دار الهندسة في جبل الحسين ليقرضه بعض الدنانير من اجل تسديد فاتورة هنا او هناك ،وهو على ماهو عليه رئيسا لوزراء الاردن ،لم يسرق ولم يدخل في عطاء سيارات يتلاعب بها، او عطاء ابنية او عطاء شوارع او ادوية وغيرها، واستشهد الرجل وفي رصيده محبة الملايين من الناس ،بعكس من ماتوا ولعنتهم الالسن والقلوب ، فتحية لروح الشهيد وصفي التل وتحية لشهداء الاردن وتحية لشهداء فلسطين وتحية لشهداء الامة العربية .
ومن هنا اعتقد أن السيد نذير رشيد السقال وبكل خبراته قد غرق في بحر وطنية الشهيد وصفي التل ومحبة الاردنيين والفلسطينيين له بالرغم من أن البعض قد حاول تشويه صورته.

مقالات ذات صلة