حملة ترمب نتنياهو : ضد ايران أم ضد العرب؟‎…طاهر العدوان

 استمعت الى  المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الامريكي ترمب مع نظيره الفرنسي ماكرون الذي زار واشنطن قبل ايّام .. بالطبع كان الموضوع المحوري الموقف من الاتفاق النووي الإيراني ، صحيح ان ترمب وجه تهديداً لإيران لكنه في المقابل وجه تهديدات بالجملة الى العرب ، خاصة الى دول الخليج . مما قاله : ان هذه الدول تملك ثراءً فاحشاً وان عليها ان تدفع الكثير من الأموال للولايات المتحدة لحمايتها من ايران ” لقد دفعت وعليها ان تدفع اكثر ” مضيفاً ، ان هناك دولاً  لولا حماية أمريكا لها لما  بقيت في الحكم اسبوعاً . وعن سوريا : ان القوات الامريكية حاربت داعش وتكلفت ٧ مليارات من الدولارات وعلى العرب ان يدفعوا  وان يرسلوا جيوشهم الى هناك .
         مثل هذه الاقوال وغيرها كما وردت في تصريحات ترمب تدفع المرء الى التساؤل : هل ترمب ضد ايران أم ضد العرب ؟. وهل هناك تفسير لمطالبه المالية  بزعم مواجهة الخطر الإيراني إلا كونها  تهديدات للعرب من اجل استنزاف اموالهم وقدراتهم وتوطين الضعف بين صفوفهم   !؟. ألا تعني تصريحاته المتعاقبة عن  عزمه سحب قواته من سوريا ان لم يدفعوا ، انها إنذار وابتزاز وتهديد من اجل تحويل الاحتلالات الامريكية الى احتلالات مدفوعة الأجر ؟.
  اليس استنزف أموال العرب تحت زعم حمايتهم يقدم  اكبر فائدة لحكام طهران . وان هو سحب قواته من سوريا اليس ذلك في مصلحة ايران التي تملك الجيوش والنفوذ في سوريا وليس ضدها  !. ثم من قال بان الاحتلال الامريكي للعراق ومن بعده لشرق وشمال سوريا قد اثر او انتقص من وجود ايران ونفوذها في البلدين ، لقد شاهدنا الجنرال الإيراني قاسم سليماني  يعمل جنبا الى جنب مع الجنرالات الأمريكيين في جميع  المعارك ضد داعش في العراق . ولولا احتلال العراق لما كان لإيران هذا النفوذ وهذا الوجود العسكري والسياسي الإيراني الذي تسميه واشنطن اليوم تدخلات وارهاب !.
     ان كل ما يجري من اهوال وجرائم وفظائع في المنطقة منذ عام ٢٠٠٣ وحتى اليوم هو نتيجة احتلال بوش للعراق . ولو كان هناك عدل او شبه عدل في هذا العالم البائس لكان من يطلب الأموال من أمريكا هم العراقيون الذين فقدوا مليون بني آدم بسبب هذا الاحتلال الذي دمر بلدهم وهجرهم ، ليس من حق ترمب ان يطلب أموالا من العرب بل عليه ان يدفع تعويضاً عن ما فعلته سياسات البيت الأبيض التي قادت غزواً مدمراً للعراق استند الى اكاذيب كالتي يروجها نتنياهو اليوم . بسقوط بغداد فقد الامن القومي العربي اسنانه واليوم يأتي مخبول البيت الأبيض ليزعم بانه يريد حماية العرب من ايران ، متناسياً ان أمريكا هي من أضعفت العرب امام ايران وغير ايران  !
        نقف مشدوهين   امام هذه المسرحية التي يتم اخراجها وانتاجها في واشنطن وتل ابيب ، عنوانها حماية الشرق الأوسط من النووي الإيراني ، وأبطالها ترمب ونتنياهو ومن حولهما صقور الحرب الذين تحمل سيرهم الذاتية كراهية وعداءً سافراً لكل ما هو عربي ومسلم . انهم وتحت غطاء مواجهة ايران يزرعون الخوف في شعوب المنطقة بتلويحهم بأعلان حرب شاملة ، وكأن ال ١٥ عاما التي مضت لم تكفهم ما لحق بالشعوب العربية من قتل ودمار وتهجير  .
    لقد استنفذت الحرب على داعش أغراضها بعد ان حسمت الأمور بتدمير هذا التنظيم وتدمير سوريا وتهجير الشعب السوري وتحويل بلاده الى ارض للمحتلين من كل حدب وصوب ، اليوم نحن امام انتاج هدف جديد من اخراج نتنياهو وترامب وانصار اللوبي الصهيوني وهو هدف ( الخطر النووي الإيراني المزعوم ) ليس من اجل تدمير ايران ولا من اجل إسقاط نظام الملالي ولا بغية وقف التدخلات الإيرانية ، هذا كله هراء ، انما الهدف هو الاطباق الاستعماري الصهيوني على العرب من اجل شيء واحد وحيد وهو تهويد كل فلسطين وتمكين اسرائيل لتكون الدولة الأعظم والاقوى على ركام عالم عربي استسلم للانقسامات والاقتتالات وبات يفتش عن حماية أمنه  من الدول الأجنبية المعروفة بعدائها ومطامعها .
           كل ما قدمه نتنياهو في عرضه التلفزيوني من وثائق مزعومة عن نووي ايران هي سلة اكاذيب مخلوطة بسموم الكراهية والرغبة في تدمير كل من يحيط بإسرائيل ، وهي تذكرنا بعرض (كولن باول )في مجلس الامن عام ٢٠٠٣ عن نووي العراق لكي يبرر غزو العراق  . مع الفارق بين ما يجري حالياً وبين ما جرى ضد العراق ، فلا أمريكا ولا اسرائيل ستهاجمان  ايران  ، لان المقصود بحملة ترمب نتنياهو هو شن حرب تخويف وابتزاز ضد العرب والفلسطينيين بشكل خاص من جل ترسيخ اسرائيل كدولة يهودية من البحر الى النهر بعد تحويل العالم العربي الى جسد  مشلول ، لا حول ولا قوة ، له ضعيف خاضع مستجيب للأوامر الامريكية الصهيونية .
        مثلما استفادت أمريكا من القاعدة وداعش وما سمي بالارهاب لتدمير العراق على وجه الخصوص ، فان الحملة ضد ايران والبعبع النووي الإيراني المزعوم هي بهدف إخضاع العرب واستنزاف طاقتهم ( لا غير )،لكي تخرج اسرائيل من المولد الدموي الدائر في المنطقة منذ ١٥ عاماً ،  باكبر المكاسب وهي ، انهاء القضية الفلسطينيية وعزلها عن محيطها العربي وتحويل القدس الى مكان للهيكل الجديد لدولة اسرائيل .
   فكروا راقبوا تنبهوا لما يفعلون ويصرحون في تل ابيب وواشنطن ، من قرار القدس ونقل السفارة الى استنزاف الخزائن العربية باسم الحماية من الخطر الإيراني  ، افعلوا ذلك واسألوا انفسكم ياعرب  : هل ترمب ، عملياً ، يشن حرباً على ايران أم على العرب !؟ أليس بموقفه من القدس ( فقط ) بمثابة اعلان حرب مكتملة  الشروط ضد الوجود العربي ومصالحه  وأمنه  القومي  ؟.

مقالات ذات صلة