مركز المنسف الطبي

أحمد حسن الزعبي

من قال أن النفس أمارة بالسوء دائماً ؟! فقد تكون أمّارة بالمنسف في بعض الأحيان ، لذا و منذ استلام راتب هذا الشهر احتطت على “سدر فاضي” في طبون السيارة حتى تحين لي الفرصة وأقتنص اللحظة وأحوز على صفقة الشهر من احد المطاعم المحترمة ..
ذلك الصباح كان مميزا، قضيت معظم أعمالي في وقت قياسي و نسبة الانجاز المربوطة بالزمن كانت مئة بالمئة ، لذا أردت مكافأة نفسي ، فتذكّرت السدر المسجّى في الطبون، صرت أمشي على مهل وادقق بين لافتات المحلات باحثاً عن أخصائي منسف يحمل البورد الأردني والزمالة الكركية ، حتى وقع نظري على لافتة كبيرة جداً تقع على 4 أبواب تفيد التخصص بالمنسف البلدي، الصور الموجودة على اللافتة وحدها قاتلة..اللوز والصنوبر والقطع المرتبة بطريقة هندسية ورغيف الشراك الذي يطل من حواف “السدر”: ناهيك عن صور اللبن الأصفر…بدون أي غماز أو اشارة دعست بريك ووقفت وقمت بالاصطفاف على يمين الشارع وفي موقف المطعم بين قوّارتي ورد كبيرتين..تناولت السدر من الطبون الخلفي واقتربت من الباب الرئيسي لمطبخ المناسف..لمحت فتاة ترتدي “روب أبيض” ، ثم مرّت واحدة أخرى ترتدي روب أبيض طويل…قلت لا بد أنه مطعم “متكتك” يقوم بفحص الخراف قبل ذبحها وبالتالي يتأكد من سلامة اللحوم المطبوخة يا لها من قفزة هائلة في عالم المنسف…صعدت الدرجة الأولى من المطعم ، رأيت حمّالة طبية وكيس مغذي..قلت هذا مذهل، ربما العناية تفوق خيالي ، على سبيل المثال اذا ما شعر خروف بالإعياء وهو ينتظر دوره في الذبح ، سيرتاح على السرير قليلاً ويوضع له المغذي حتى “يصحصح” ، ومجرد ان ينتشي ويقف على أرجله يُذبح..تماماً كما تفعل الحكومة مع المواطن الأردني…أكملت مسيري و”السدر الفضي بلمع لولا” وصلت الى الاستقبال نظر الحضور نظرة غريبة تجاهي…سألني أحدهم وهو ينظر الى السدر في يدي : تفضّل؟..قلت له: مش هون مطعم مختص للمناسف…قال :كان..وسكّر..ما وفّتش معاه..واحنا اخذناه مركز طبي من أسبوع…سألته من جديد: طيب والقارمة؟ لسه مكتوب مناسف..قال: ما لحقنا نغيرها..يا بنشيلها..يا اذا بدها تكلفنا بنخليها..وبنضيف كلمة الطبي…بتصير مركز المنسف الطبي..
عندها عرفت أن الاستقرار الاستثماري “انهمط”.. وأن نهضة الرزاز..مطبوخة على الطريقة اليونانية..

مقالات ذات صلة