
بماذا تشي الأحداث.. وجهة نظر.. حاتم الكسواني
لاشك بأن الأردن يمر بظرف صعب يشبه رجل السيرك ” البلياتشو ” الذي يسير على الحبل ولا يعينه على المرور إلى منطقة الأمان سوى عصاه التي تساعده على تحقيق التوازن بشرط السير ببطأ وحذر
وتقول كل المؤشرات بأن مايحدث في البلاد من أزمات نتيجة سوء الإدارة والأداء الوطني أو تلك المفتعلة بقصد التضييق على الأردن ودفعه إلى التنازل عن ثوابته فيما يتعلق بحل القضية الفلسطينية وفق مبدأ حل الدولتين والحفاظ على الولاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس دون المساس بها أو تغييرها بالحفاظ على وضعها القائم .
ومن أجل إضعاف الأردن وإجباره على الإنصياع لمتطلبات صفقة العصر فقد تم التحالف بين قوى الضغط الإقتصادي والسياسي الخارجية وقوى الفساد الداخلي .
فمنذ أن بدأت الحياة البرلمانية في بلادنا وتحت جناح الديموقراطية وحرية التعبير والإحتماء بالحصانة البرلمانية برزت في الأردن فئة لم تخدم الوطن في الجهازين التنفيذي والرقابي التشريعي بحيث أدى التحالف بينهما إلى تراكم ديون الأردن أضعافا مضاعفة نتيجة غياب التخطيط التنموي والإعتداء على المال العام بألف صورة وصورة .
وهنا سنقف على بعض المحطات التي أوصلت الأردن إلى حاله الذي لا يسر أبناءه ويفرح أعدائه :.
”
لقد كشفت الايام القليلة الماضية بعد تعديلات قانون الضمان الإجتماعي من قبل مجلس النواب بأن المجلس نفذ توصيات تهدف إلى تخفيف العبأ المالي علي الضمان كإقرار إلغاء راتب التقاعد المبكر للمستحقين من الداخلين الجدد و إقرار حرمان الضمان للشباب اقل من 28 عاما لمدة 5 اعوام من تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بما يعني تخفيض الرواتب التقاعدية لكل الداخلين الجدد إلى سوق العمل عند إستحقاقهم لتقاعد الشيخوخة بعد سنين طوال وذلك بتقليص بند عدد سنوات الإشتراك في معادلة إحتساب المبلغ التقاعدي المستحق للمستخدمين بواقع 5 سنوات
ففي سؤال شخصي لمديرة صندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعي الدكتورة خلود السقاف حول إن كان الصندوق قد أوصى بإلغاء التقاعد المبكر للداخلين الجدد تحت مظلة الضمان قالت لي بالحرف الواحد ” نحن لم نوصي بذلك إلا أن الأمر يخدمنا
فمؤسسة الضمان الإجتماعي ونتيجة سوء إدارة أموالها وإستثماراتها عبر السنين كانت ستواجه أزمة مالية إذا لم تستجب لتوصيات دراسة إكتوارية تؤكد بأنها لن تستطيع تلبية إلتزاماتها المالية في مستقبل الأيام دون التخفيف من أعباءها المالية .
وعندما يصرح مدير عام الجمارك اللواء الدكتور عبد المجيد الرحامنة بأنه من المؤمنين بتخفيض الرسوم على المستوردات كوسيلة لمنع التهريب ثم يقوم هو نفسه بفرض رسوم على مستوردات التجارة الألكترونية والتضييق على التعامل بها وتقليص كمية المواد المسموح إدخالها من قبل المسافرين الأردنيين للبلاد، ورفع عقوبة اي شكل من أشكال مخالفة التعليمات كإدخال مسافر لكروز دخان زائد عن المسموح به من جنحة إلى جناية ناهيك عن إيمانه كما قال بتصريحات في أكثر من محفل بأنه كله رغبة بإغلاق محلات بيع مستلزمات التدخين للتخلص من نشاطهم في تسويق الدخان المهرب وقوله بأن صانعي السياسات المالية يحددون نسب إحتياجات الموازنة العامة من الموارد المالية ويلقون مهمة تحصيلها على كاهل دائرة الجمارك.. فإن ذلك وذاك يشيان بحجم عدم الإنسجام وإختلاف الرؤى بين دوائر الدولة المختلفة و رضوخ مؤسساتها لتعليمات تلبي إحتياجات جبايوية بعيدا عن المنطق والنظرية الإقتصادية .
وقد جاء الضغط الأمريكي لإتمام صفقة الغاز الإسرائيلي المباع للأردن من حقل الغاز الإسرائيلي ليفياثيان عن طريق إتفاقية مع شركة نوبل إنرجي ليشكل مصدرا ضاغطا لإرباك الدولة الأردنية إقتصاديا وتوتير الأوضاع بين الحكومة والشارع الأردني .
وكذلك فإن العلاقة المتوترة بين قطاع الصناعة والحكومة على خلفية إرتفاع فاتورتي الماء والكهرباء وإقرار الضرائب على المنتجات الوطنية المخصصة للتصدير والتضييق على القطاع في مجال إنتاج حاجته من الطاقة بواسطة مصادر الطاقة المتجددة وبحث تعديل مواد قانونية تمنع حبس المدين بشكل يرى فيه قطاعي الصناعة والتجارة إطلاقا ليد النصابين وتضييعا لحقوق المستثمرين في القطاعين المنظورة أمام المحاكم وهي أمور تشي بأن أوضاع أكبر قطاعين إقتصاديين مشغلين للأيدي العاملة في بلدنا ليست على مايرام .
وكذلك تشي الأحداث المفتعلة بدءا بإستقبال رئيس بلدية الكرك لوفد سياحي إسرائيلي في دار البلدية و من ثم إنتاج فيلم جن و فيلم جابر والحجر ودخول جماعات متطرفة إلى مقام النبي هارون والقيام بطقوس تلمودية فيه وتدخل الملحق التجاري الأمريكي بالعلاقة التجارية بين الأردن وسوريا والأردن والعراق وهما أعماق إستراتيجية وإقتصادية للدولة الأردنية بأن بلدنا يتعرض لتدخلات وضغوطات خارجية لا تراعي أصول العلاقات الدبلوماسية ولا تحترم الإتفاقيات الموقعة معه .
وبشكل تراكمي أيضا فإن أحداث معان والكرك والسلط الأمنية وأخيرا الرمثا وحوادث البلطجة في الرصيفة وعمان البارات وأحداث تجري هنا وهناك في المملكة وما تبعها من محاولة لسحب السلاح من أيدي العشائر الأردنية والإعتداء مؤخرا على خط مياه الديسي وإقرار رسوم ضريبية على التجارة الألكترونية وإعلانات الفيسبوك … كلها هدفت إلى إظهار الدولة الأردنية دولة عاجزة كما هدفت إلى تجريدها من سيرة أمنها وأمانها الأمني والسياسي والإقتصادي العطرة .
وعليه فإن الأحداث تشي بأن بلدنا واقع بين مطرقة التضييق الخارجي و سنديان فساد الإدارة المحلية.
هذه المؤشرات يجب أن تدفعنا إلى تشجيع القوى الإيجابية في مجتمعنا لمواجهة موجة الإحباط والتشكيك بين أوساط مجتمعنا وفئاته المختلفة ومواجهة الإشاعات التي تشوه الحقائق .
كما يجب أن تدفعنا إلى عزل المواقع القیادیة من كل المنقادين بوعي أو غير وعي لأعداء الوطن ومستهدفيه .
وعلينا الإبتعاد عن كل أشكال التعبیر العنیف والحفاظ على مقدرات الوطن والعمل على تعظیمھا وتنمیتھا ومحاصرة المصطفین مع قوى الشر والإستھداف لإستقرار الأردن الأمني والإقتصادي والسياسي .