مظاهر إبادة الشعب الفلسطيني الممنهجة عبر الأجيال

حاتم الكسواني

لم يكف العدو الصهيوني عن إبادة الشعب الفلسطيني منذ اربعينية القرن الماضي ، فمنذ تشكيل  عصابات الهاجانا والشتيرن والأراغون  في بلادنا فلسطين بدأت جرائم الإحتلال الصهيوني الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني بهدف إرهابه وإفقاره وتدمير بنى حياته الإقتصادية وإملاله وإجباره على مغادرة بلاده ليحل محله اليهود المستجلبين من شتات الارض،و المطرودين من بلادهم  الاوروبية ،  .

وتبعا لذلك إعتمد العدو الصهيوني وسائل شيطانية عديدة لتنفيذ إستراتيجيته الإستعمارية بدأت بالمجازر ضد سكان القرى والمدن الفلسطينية التي تمثلت بقتل الرجال والشيوخ والأطفال  واغتصاب النساء وبقر بطون الحوامل منهن  ونقل أخبار جرائمهم البشعة  إلى  المجتمعات المحيطة لإجبارهم على الهروب أمام زحف العصابات الصهيونية .

وبعد عام 1967 اعتمد العدو الصهيوني وسائل القتل العمد والإعدام الميداني وتكسير العظام  للمشاركين في إنتفاضات الضفة الغربية وقطاع غزة وطبق سياسات الإعتقال الإداري طويل الأمد والسجن لاتفه الأسباب  وبدون أسباب في أحيان كثيرة ،   ونشرَ الحواجز. وأقام الجدران ومنع سير الفلسطينيين على الطرق الرئيسة أو إستخدام وسائل النقل العام الإسرائيلية ونشر المستوطنات وسلح وحرض المستوطنيين على مهاجمة قرى الفلسطينيين وتجمعاتهم السكانية وحرقها وقتل سكانها وسرقة مقتنياتهم ، وتدمير  مرافق ومقدرات حياتهم الإقتصادية من مزارع ومواشي وورش ومصانع واستهدف الشجر والحجر فهدم المساكن وحرق وكسر أشجارهم ،  ومنع قطف أشجار الزيتون بل سرق محاصيلها  ، كما منع جني نبات الزعتر البري أو الإتجار بمنتجات مصانع الوطن الفلسطيني في غزة والضفة مع الداخل الفلسطيني أو تصديرها خارج الوطن .

ودأب جيش الإحتلال الصهيوني على إقتحام منازل الفلسطينيين بالضفة الغربية بشكل عشوائي ليلا وفي أي وقت دون أي إعتبار للأسباب أو  الزمان والمكان وذلك بهدف إرهاب الأطفال والنساء وإهانة  الشيوخ وكبار السن. وإعتقال الشباب و العبث باثاثاث البوت وتحطيمها وسرقة ما فيها  من قطع نفيسة من الحلي، والمجوهرات التي تقع تحت يد جنودهم .

كل ذلك في محاولة يائسة للنيل من صمود الاهل في أراضي الوطن المحتل وزعزعة شعورهم بالامن و الاستقرار الإنساني والأمان الإقتصادي ودفعهم للكف عن مقاومة الإحتلال بالوسائل العسكرية أو الإعلامية او بالمشاركة في التظاهرات ضد عسف الإحتلال  او في مواجهة قواته  بالوسائل المتاحة كالحجارة وإطارات الكاوتشوك ،  وغيرها من الوسائل

اما في اراضي،الوطن المحتل منذ عام 1948 فقد عمد الإحتلال إلى إرخاء  قبضته الأمنية وتشجيع شيوع العصابات المنظمة التي ترتكب جرائم القتل والإعتداء على السكان دون رقيب او حسيب وغض النظر عن جرائم الأخذ بالتأر ، وممارسة العنف والعنف المضاد في محاولة لإفساد مجتمعهم واجيالهم المتعاقبة ، و محاولة إلهائهم بالعداوات والخلافات بين بعضهم البعض ، وبفصلهم عن متابعة قضايا اشقائهم  في الضفة والقطاع .

وبشكل عام حاول الإحتلال على إشاعة الجريمة والفوضى ،  وترويج المخدرات ، و تشجيع  الفساد المالي والإداري بين اوساط المجتمعات الفلسطينية كافة لضرب أسس تماسكها  ، وثوابتها الوطنية ، وقيمها الإيجابية .

وانتهى الإحتلال بعد فشل معظم محاولاته لتدمير المجتمع الفلسطيني بالقيام بعملية إبادة جماعية شاملة ، وعملية تهجير بالقوة للإنسان الفلسطيني مترافقة مع  عملية  تدمير شامل لكل أسباب حياته ومكوناتها من مساكن ومرافق ومؤسسات وقطاعات فيما يوصف اليوم بجريمة العصر ” هولوكست الإحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بغزة والضفة الغربية ” .

إذن هي اساليب ممنهجة اعتمدها العدو الصهيوني خلال أكثر من سبعين عاما تمثلت بجرائم الإبادة والإعتداء والتضييق  والإعتقال والإملال والإفقار و التحقير والإذلال وتشويه الصورة والشيطنة ونزع الإنسانية .. وكل ما أمكنه من حط لقدر الإنسان الفلسطيني ،ولكن دون أن يتمكن من حسم المعركة لصالحه بفعل صمود الإنسان الفلسطيني وتشبثه بارضه ومواصلة مقاومته يوما بعد يوم إلى أن جاء السابع من أكتوبر وقلب كل المعايير بثورة كل العالم ضد السردية الإسرائيلية وكشف زيفها والوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني .

ولم يخطأ الشاعر المصري احمد محرم عندما قال :

فلسطين صبراً إنّ للفوز موعدَا.. فإلا تفوزي اليوم فانتظري غدَا

ضمان على الأقدار نصر مجاهد.. يرى الموت أن يحيا ذليلاً معبدَا

إذا السيف لم يسعفه أسعف نفسه.. ببأس يراه السيف حتماً مجردَا

مقالات ذات صلة