الحكومة بعد عام

سلامة الدرعاوي

حرير- إعلان الحكومة عن إصدار أكثر من ألف قرار خلال عامها الأول (من أيلول 2024 إلى أيلول 2025) يسلّط الضوء على حجم النشاط التنفيذي الذي شهدته البلاد، ويثير في الوقت ذاته تساؤلات حول مدى انعكاس هذه القرارات على الواقع الاقتصادي والمعيشي، ومدى قدرتها على إحداث نقلة نوعية في الأداء العام للدولة.

الحكومة، برئاسة الدكتور جعفر حسان، قدّمت نفسها منذ اليوم الأول كـ”حكومة ميدان”، لا تكتفي بالعمل من المكاتب، لكن تنزل إلى مواقع التنفيذ، واللافت أن هذا الحضور الميداني لم يقتصر على الوزراء الذين تفرض طبيعة عملهم الميدان، كالأشغال أو البلديات أو الزراعة، بل شمل أيضاً وزراء في حقائب إدارية بالعادة يكونون بعيدين عن الميدان، إلا أن المتابعة اليومية لأعمالهم أظهرت حضوراً نشطاً لهم في مواقع العمل، سواء في متابعة الدوائر أو تفقد المشاريع التابعة لوزاراتهم، وهذا التحول يعكس فهماً عملياً لدور الوزير كقائد إداري وتنفيذي لا كمجرد صاحب قرار مكتبي.

وعلى مدار 86 جلسة لمجلس الوزراء، اتخذت الحكومة أكثر من 1000 قرار خلال عامها الأول، ما يعكس وتيرة عمل نشطة وتنسيقاً مؤسسياً واضحاً، ووفق الملخص الرسمي، أقرت الحكومة 25 مشروع قانون و133 نظاماً ومشروع نظام، في إطار تطوير الإطار التشريعي والإداري للدولة، وهي خطوة تعكس توجهاً نحو تحديث البيئة القانونية والتنظيمية لتواكب متطلبات رؤية التحديث الاقتصادي والإداري.

كما تضمنت القرارات الحكومية 65 قراراً لتحديث الإطار الإداري والسياسي، و122 قراراً لتعزيز التعاون الدولي عبر الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، ما يعكس اهتماماً بتوسيع دائرة الشراكات الإقليمية والدولية وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية.

وفي المقابل، ركز 153 قراراً على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين في مختلف القطاعات، بدءاً من التعليم والصحة والبنية التحتية وحتى الخدمات الرقمية، في محاولة لتقريب الخدمة العامة من المواطن وتعزيز كفاءة الجهاز الإداري.

أما في الجانب الاقتصادي، فقد اتخذ مجلس الوزراء 147 قراراً لدعم القطاعات الإنتاجية المختلفة ضمن خطط تهدف إلى تحفيز النمو وتعزيز رؤية التحديث الاقتصادي. وتشير البيانات الرسمية إلى أن الأردن حقق نمواً جيداً في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة في الاستثمارات الخارجية بنسبة تجاوزت 14 %، وارتفاعاً في الصادرات الأردنية بنسبة 9 %، إلى جانب ارتفاع إيرادات السياحة بنسبة 8.6 % رغم التحديات التي واجهها القطاع.

كما شهدت بورصة عمّان تحسناً كبيراً، حيث سجلت أعلى مستوياتها منذ 15 عاماً متجاوزة حاجز 3000 نقطة لأول مرة منذ العام 2008، وسط آمال بأن يرافق ذلك تحسن في مؤشرات قطاع العقار.

الحكومة تسعى -بحسب تصريحاتها- إلى تخفيض نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 80 % بحلول العام 2028، بعد أن انخفضت تدريجياً من 93 % في بداية العام الحالي إلى 91 % حالياً، مع السعي لبلوغ 90 % مع نهاية العام، كما نما الاقتصاد بنسبة 2.8 % خلال الربع الثاني من العام الحالي، في مؤشر على صلابة الاقتصاد الأردني رغم الظروف الإقليمية والصدمات الخارجية، فيما نما الدخل السياحي بنسبة 7.5 % وارتفع عدد السياح بنسبة 14.9 % خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي.

وبذلك، يمكن القول إن “حكومة الألف قرار” حاولت الجمع بين كثافة النشاط التنفيذي والانضباط المالي، وبين الحضور الميداني والعمل المؤسسي، غير أن التحدي المقبل سيبقى في تحويل هذا الكم الكبير من القرارات إلى أثر ملموس في حياة المواطنين، بحيث يصبح الميدان عنواناً دائماً للإنجاز لا مجرد مشهد مرحلي في عامها الأول.

مقالات ذات صلة