سيناريو الحرب في العام الثالث

ماهر أبو طير

حرير- من المثير جدا أن تتحدث إسرائيل ليل نهار عن نيتها ضرب لبنان واليمن وإيران مجددا، برغم أنها تحدثت سابقا عن ضربات ساحقة.

هذا يعني أن الضربات الساحقة السابقة لم تؤد إلى انتهاء قوة هذه الأطراف، بل إضعافها جزئيا، وليس كليا، وهذا يعني أن الخطاب الدعائي الإسرائيلي غير دقيق، وإلا بماذا نفسر عودة الضربات على لبنان واليمن، والتهديد بضربة جديدة على إيران قبل نهاية العام.

المؤكد هنا أن التقييمات الاستخبارية الأميركية والإسرائيلية تتحدث عن معلومات لا أحد يعرف صدقيتها، خصوصا، أن واشنطن وتل أبيب قد تبالغان بالقوة المتبقية لدى لبنان وإيران، من أجل تهيئة المناخ لتوجيه ضربات جديدة، والمفارقة هنا أن الجانب الإسرائيلي بدأ يتحدث عن أنفاق وتهريب أسلحة من سورية إلى لبنان، وعن تدفق المال بطرق مختلفة من إيران إلى لبنان، وأن حزب الله بات يعيد بناء قوته بشكل متواصل برغم كل الأضرار التي تعرض لها الحزب.

من تجارب سابقة لا تأتي التسريبات إلا في سياق وظيفي، وهذا السياق يعني النية لتوجيه ضربة كبرى إلى لبنان، والضغط على المؤسسات اللبنانية من أجل إقناع حزب الله بنزع سلاحه وتجنب ضربة كبرى، لكن الحزب هنا مرتبط بالأجندة الإيرانية والتي لن تسمح له بتسليم أسلحته، حتى يبقى واجهة ردع في وجه إسرائيل.

بوابة لبنان تقود إلى إيران مباشرة، بمعنى أننا إذا شهدنا حربا جديدة على لبنان ومحاولة توسعة حدود الاحتلال والسطو على مساحات في الجنوب اللبناني، والمناطق المشتركة بين لبنان وسورية، نكون قد اقتربنا من ضربة إيران، إلا إذا تم وضع العراق في خانة مواجهة، وهذا أمر يخضع لحسابات إيرانية وأميركية متعددة تجدول الملف.

لقد قيل مرارا إن الحرب على غزة ليست حربا على تنظيم، وإلا لماذا يتم قتل 17 ألف طفل فلسطيني، مثلا، ولماذا تتوسع الجبهات لتشمل 7 جهات، وهذه أول مرة في تاريخ الاحتلال نراه يخوض حربا للعام الثالث على التوالي مع توجهه لفتح جبهات جديدة عما قريب وهذا يعني أننا أمام مشروع لبناء نظام إقليمي جديد يتم عبره تحطيم كل القوى الإقليمية وتوابعها وتحديدا تركيا وإيران، ونزع سلاح أي مقاومة في المنطقة، سنية أو شيعية، لا فرق في هذه الحالة.

لن تتدخل إيران إذا تم توجيه ضربة كبرى إلى لبنان، وهي لم تتدخل مباشرة في كل الضربات السابقة، لكنها تفضل أن تبقى جبهات لبنان واليمن والعراق، دروع حماية حتى تصل إيران إلى نقطة محددة، لعلّ تسويةً ما تحدث، خصوصا، أن هناك قراءات تؤشر على أن ضربة إيران المقبلة ستكون مختلفة، ولن يحتمل الإقليم كلفتها.

من جهة ثانية لا يمكن أن تتورط إسرائيل في كل هذه الجبهات دون كلفة، مهما بلغ الإمداد الأميركي، لأن هناك قوى إقليمية ودولية لن تقبل توسع مساحات النفوذ الأميركي الإسرائيلي في المنطقة بشكل كامل دون عراقيل، في إطار خرائط النفوذ والتقاسم والثروات.

هذا يقول في الخلاصة إن مرحلة ما بعد حرب غزة، مرحلة إقليمية تريد تل أبيب تكملة الجزء الثاني من مخططها، وهو أمر غير مضمون، لكننا سنعرف إلى أين سنذهب في حال تخلت إسرائيل على العمليات العسكرية المتقطعة في لبنان، وذهبت إلى حرب كبرى.

لحظتها سنقرأ بكل بساطة بقية السيناريو وأين سينتهي وكيف أيضا.

مقالات ذات صلة