
احياء في البحر الميت
محمد عماره العضايله
احياء في البحر الميت انها عنوان رواية للمرحوم الاديب والمثقف مؤنس الرزاز فهو صاحب شخصية دمثة لكنه رافض لكل القوالب النمطيه التي تعيشها الأمة كيف لا وقد عاش اوضاعا متقلبة رأى كيف وضع والده المناضل القومي منيف الرزاز في أواخر أيامه تحت الإقامة الجبرية وشاهد اجتياح إسرائيل للبنان عام ١٩٨١م قبل صدور روايته بعام والواقع الذي وصلت اليه دول المنطقة التي توقفت عند اتفاقية سايكس بيكو وجعلتها دستورا ووثيقة لا يمكن العبث بها او تغييرها تلك الاتفاقية التي قسمت الأمة إلى دويلات لا حول لها ولا قوة وزاد الطين بلة صياغة بريطانيا لأهداف الجامعة العربية ووضعت من بين احد اهم اهدافها وهو (احترام كل دولة لحدود الدولة الاخرى) في تأكيد على القطرية والتفكك وعدم التوحد كما زرعت في قلب الأمة دولة الكيان الصهيوني الغاصب ومدته وما تزال بكل انواع الأسلحة وساهمت في نشر الفوضى في كل اقطار الامة … كل ذلك ساهم في التأثير بشخصية مؤنس وكانت انعكاسا حقيقيا لذلك الواقع كما أنه يعبر عن فسيفساء مختلفه الالوان والاشكال التي لا راوبط بينها لا بل هي نسق مشوه عن الانكسار الشخصي والواقعي للانسان العربي اينما كان وصورة للتشظي في الزمان والمكان العربي والصورة ماثلة أمامنا وكما يقول أحدهم:
… ياعمرو يابن العاص قل لمعاوية
….لا مصر مصر ولا دمشق كما هي
…. كل البلاد تفرقت وتشرذمت
….وعلت على تلك الحدود كراهية
نعم نعيش في بحر ميت ان جاز التعبير والا اين شعبنا وقادة دولنا التي ترى الابادة ولا تحرك ساكنا الا تستطيع أن تقول كفى أوقفوا الابادةوالقتل والدمار.
نعم نعيش في بحر ميت بحر تفوق ملوحته عشر مرات ملوحة البحار في الدنيا كما أنه في اخفض بقعة على وجه الأرض وأعتقد اننا صرنا شعوبا ودولا منخفضة الوعي والاحساس فالرواية تحدثنا عن الواقع للاحياء الذين تجمعهم مياه هذا البحر الميت والملح وفساد الملح اننا أمة فقدت بوصلتها وهويتها وحل محلها صناعة التفاهة والانحطاط بكل اشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية فمن منكم شاهد مسلسل (الهيبة) انه شخصية تقوم على القتل والتهريب والسطو وغيرها من الموبقات وما مسلسل ( اولاد بديعه) انهم اسم على مسمى مبدعون في النصب والاحتيال والقتل والسرقة كيف لا وهم اولا بغي وعهر وغيرها الكثير التي تسهم في قتل الروح الوثابة في الأمة وتدمر المنظومة القيمية بكل ابعادها .
رواية سبقتنا بكثير لتؤشر على الواقع المر وتفكك الأمة حتى صرنا غثاء كغثاء السيل رغم كل ما نمتلكه من امكانات بشرية واقتصادية هائلة لكنها الكراسي وما عليها عطلت كل مقومات الأمة وباعتها للشيطان ولكن ماذا نقول الا ما قاله الجواهري:
….وحين تطغى على الحران جمرته
…. فالصمت افضل ما يطوى عليه الفم



