قطع الكهرباء يثير غضب المصريين: عودة العتمة للفقراء واستثناء الأغنياء
حرير – عادت معاناة المصريين من انقطاع التيار الكهربائي عن منازلهم ومصانعهم، بعد فترة هدوء استمرت 8 سنوات، أنفقت الحكومة خلالها أكثر من نصف تريليون جنيه على إقامة محطات توليد كهرباء، تعادل ضعف قدرات الاستهلاك لكافة الأنشطة بالدولة.
تدير وزارة الكهرباء برنامجا يوميا لقطع التيار قسرا عن المستهلكين، مبررة الأمر بارتفاع الاستهلاك، مع شح شديد في موارد الغاز الطبيعي الذي يوفر نحو 80% من احتياجات الطاقة بمحطات التوليد الحرارية.
كشفت مصادر عليمة بوزارة الكهرباء والطاقة لـ”العربي الجديد” عن الأسباب الفنية التي تدفع الحكومة إلى قطع الكهرباء، رغم حالة الغضب التي انتابت المواطنين خاصة أصحاب الورش والمصانع، مع تعرض البنوك والمناطق التجارية للتوقف، وحياة المواطنين بالمنشآت الطبية والحساسة لمخاطر جسيمة.
مشكلة الغاز وتخريد محطات
بينت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، عدم قدرة وزارة البترول على توفير الغاز الطبيعي لمحطات التوليد في وقت قامت فيه شركات إنتاج الكهرباء بإخراج عشرات محطات التوليد من الخدمة التي تعمل بالمازوت أو السولار المخصوص كبديل للغاز الطبيعي.
الشركات تلقت أوامر من وزير الكهرباء، محمد شاكر، بـ”تكهين (إغلاق) وتخريد” محطات تبلغ قدراتها 17 ألف ميغا وات، تنفذ على مراحل منذ 16 شهرا
أكدت المصادر تلقي الشركات أوامر من وزير الكهرباء، محمد شاكر، بـ”تكهين (إغلاق) وتخريد” محطات تبلغ قدراتها 17 ألف ميغا وات، تنفذ على مراحل منذ 16 شهرا.
طلب الوزير استخدام معدات المحطات التي أُخرجت من الخدمة، والتي تقل كفاءة التشغيل بها عن 70%، كقطع غيار للمحطات القائمة، وتحميل الأجزاء غير القابلة للاستخدام إلى مخازن مركزية تابعة للشركة القابضة لإنتاج وتوزيع الكهرباء، للاستفادة من مكوناتها، أو بيعها بمزادات.
أرجع المسؤولون القرار إلى رغبة الوزارة في التخلص من المحطات القديمة تدريجيا، وخفض قيم معدلات التوليد المقدرة بالشبكة الموحدة، بعد أن أصبحت أرقامها تمثل عبئا سياسيا على الحكومة، التي أنشأت محطات تفوق ضعف القدرات المطلوبة للاستهلاك حتى عام 2030.
أوضحت المصادر، أن عدم قدرة الوزارة على تدبير تمويل شراء معدات وقطع غيار محطات الكهرباء بالعملة الصعبة، وتراكم ديون قطاع الكهرباء بما يزيد عن 34 مليار دولار حاليا، وراء قرار”تخريد” المحطات، رغم أنها ما زالت في طور الخدمة التي تصل إلى 30 عاما بالمحطات الحرارية التي تعمل بالمازوت والسولار، تقل إلى 25 عاما، بمحطات الغاز.
قروض باهظة
اقترضت الحكومة، 15 مليار دولار لإنشاء محطات وشبكات نقل وتوزيع الطاقة، خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، ووقعت اتفاقات لاقتراض 21.3 مليار دولار لإقامة محطة توليد كهرباء نووية، تبلغ تكلفتها الإجمالية نحو 42 مليار دولار، وتتجه إلى دفع مستحقات شركة سيمنز الألمانية لنقل أصول محطات كهرباء أنشأتها، بقيمة 8.2 مليارات دولار، اعتبارا من يناير/ كانون الثاني القادم. توفر المحطات الجديدة، قدرات توليد بنحو 36 ألف ميغا وات.
اقترضت الحكومة، 15 مليار دولار لإنشاء محطات وشبكات نقل وتوزيع الطاقة، خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2018
طلب الوزير من قيادات الوزارة عدم ذكر أية إحصاءات تتضمن قدرات توليد الكهرباء بالشبكة الموحدة، التي بلغت رسميا عام 2022 نحو 62 ألف ميغا وات. تكتفي الوزارة بإعلان بيان يومي عن حالات الاستهلاك، وتوزيع الجدول الزمني بقطع التيار عن المواطنين، لمدد تصل إلى 3 ساعات، بأوقات مختلفة، وفقا لكميات التوليد بكل منطقة جغرافية وحسب أهمية المواقع أمنيا.
زيادة الاستهلاك والحرارة
يرجع رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، قطع التيار الكهربائي، إلى زيادة معدلات استهلاك المواطنين، مع تعرض البلاد لموجة طقس شديد الحرارة، مؤكدا أنها ستنتهي خلال أيام. تظهر بيانات وزارة الكهرباء، ارتفاعا في الحمل الأقصى للاستهلاك، إلى 34.6 ألف ميغا وات، بزيادة 2000 ميغا وات عن الاستهلاك بنفس الفترة من العام الماضي.
تكشف بيانات الاستهلاك بالشركة القابضة للكهرباء، ومرصد الكهرباء أن استهلاك الكهرباء يسير وفقا لمسار الحمل الأقصى المتوقع سنويا، خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، الذي يرتفع بمعدل 10% مع زيادة درجات الحرارة في فصل الصيف.
أظهرت إحصاءات الوزارة تزايدا في اعتمادها على التوليد من الغاز من 74.3% إلى 79.6%، في الوقت الذي تعرضت فيه آبار الغاز إلى مشاكل فنية، أفقدتها 75% من قدراتها الإنتاجية، في إبريل/ نيسان الماضي، مقارنة بنفس الفترة من 2022، وفقا لتصريحات طارق الملا وزير البترول، أمام مؤتمر دولي عقد مؤخرا بفيينا.