غرامة البئر في عمان.. رمزي الغزوي

أنستنا فاجعة البحر الميت غرق عمان مع أول شتوة في موسمنا. وهنا لا أريد أن أتحسر على بنيتنا التحتية الهشة، فقد صرنا نتوقع حتى ولو أمطرت السماء متراً مكعبا واحدا، أن تغرق طرقاتنا، وتتلعثم حركة السير وتتلبك وترتبك، وتتشقق شوارعنا، وتظهر جلية أمانة ونزاهة بعض المقاولين الذين (شلفقوها) علينا، وتنفجر مناهل المياه، وتتطاير أغطيتها.

في ظرف ساعة واحدة كان الهطول المطري 40 مللتر في منطقة ماعين، وقد نزل في سد زرقاء ماعين ما يقرب من نصف مليون متر مكعب. ومن المحسوب أن ما يقرب 8 مليارات متر مكعب تهطل على المملكة سنويا.
ما يوجعنا أن تذهب هدراً كل هذا الأمطار المباركة، التي نحتاج إلى كل لتر منها، فنحن مهددون بالعطش وعلى حافته، فيا ترى كم ستجمع السدود منها مع نهاية الموسم؟!، هل ستجمع واحد بالمئة من مجموع كميات الهطول؟!، بل أقل بكثير من ذلك، وما يزيد تحسرنا وتوجعنا، أننا لم نركز على هذا الموضوع، فظلت كثير من مشاريع السدود المقترحة حبراً على ورق، ترحلها الحكومات المتعاقبة وتتلكأ في إنجازها!.
مع الأسف غالبية البيوت (خاصة في عمان) تربط مزاريب المياه بمجاري الصرف الصحي، فتسبب مشاكل مضاعفة. هذا ما يفسر انفجار المناهل وتطاير أغطيتها. وهنا سأسال لماذا لا يكون في كل بيت بئر تجمع هذه الأمطار، لماذا نتغاضى عن هذا المطلب الاستراتيجي؟!.
ولماذا ترتضي أمانة عمان والبلديات بالغرامة المالية اليسيرة، إذا ما قورنت بكلفة الحفر، لدى أصحاب العمارات، الذي لا هم لهم سوى بيع شققهم بأسرع وقت؛ لغرس عمارات جديدة بلا آبار أيضاً.
ظهر الخميس الماضي وتحت غزارة المطر الذي نحمد الله عليه، وقفت جوار عامل وافد في أمانة عمان، كان منهمكاً دون جودى بفتح (منهل) تصريف المياه؛ كي تغيض البحيرة الواسعة التي تشكلت في عرض الشارع.
وبعد أن تمنيت له العوافي قلت: (العليق) ما بنفع عند الغارة، يا صاحبي، فتبسم وكأنه لم يفهم المثل، فقلت: محاولتك لفتح المنهل عابثة، غير ذات فائدة الآن، تماماً كالذي يتذكر أو يفطن أن يطعم حصانه مع انطلاق المعركة، أيام كانت المعارك بالسيوف والأحصنة.
الأصيل أن تطعم حصانك من قبل؟، فأين كنت بالصيف يا عزيزي؟!، وهذا السؤال ليس لك بل للمسؤول في كل البلديات أيضاً!.

مقالات ذات صلة