بدائل معبر رفح… مساعدات جواً وبحراً لكسر حصار غزة

حرير – مع استمرار تعثر إدخال المساعدات برا عبر معبر رفح من مصر إلى قطاع غزة، بدأت الأنظار تتجه إلى بدائل أخرى لإيصال المساعدات بحرا وجوا في محاولة لتخفيف الكوارث الإنسانية والمعيشية التي ترتبت على العدوان الإسرائيلي الوحشي على القطاع منذ أكثر من 5 أسابيع، بالإضافة إلى الحصار المطبق ومنع دخول الوقود والغذاء والأدوية ووقف إمدادات المياه الكهرباء.

ويأتي ذلك، في الوقت الذي لا تتوقف فيه المساعي الدولية والعربية من أجل فتح معبر رفح لإيصال الغذاء والدواء والوقود لغزة المحاصرة، ولا سيما أن كميات ضخمة من المساعدات الإغاثية مقدمة من العديد من الدول ومؤسسات دولية تتكدس في كل من رفح والعريش، وكان آخرها توجه طائرتين قطريتين تحملان مستشفى ميدانيا ومساعدات إغاثية للعريش، أمس الثلاثاء.

مساعدات بحراً

يكشف المدير السابق لمكتب الهيئة الإغاثية والإنسانية التركية في القدس (İHH)، عزت شاهين، لـ”العربي الجديد” تسارع التحضير لأسطول كسر الحصار على قطاع غزة، متوقعاً أن يتم وصول الأسطول خلال الشهر المقبل، كانون الأول/ديسمبر.

ويرى شاهين أن كسر الحصار، ومد سكان قطاع غزة بأسباب البقاء على قيد الحياة، بعد ممارسة الاحتلال الإسرائيلي أبشع أنواع الحصار والتجويع والقتل، وباتت مهمة إنسانية تقع على عاتق الدول والمنظمات وأحرار العالم، فأي جريمة يمكن أن تحدث، أعظم من الموت جوعاً أو قطع الوقود عن المشافي وموت الأطفال والمرضى بغرف العناية المركزة، واصفاً الوضع في غزة بالكارثي.

ويشير شاهين خلال تصريح خاص، أن المساعدات العينية الخاصة بالأسطول، جاءت عن طريق الأهالي فضلاً عن مساعدات من جمعيات واتحاد أسطول الحرية، مشيراً إلى أن منظمات حقوقية ونشطاء، من تركيا وخارجها سيشاركون بكسر الحصار.

وحول نوع المساعدات التي ستحملها سفن كسر الحصار، يضيف شاهين وهو شارك سابقاً في أسطول الحرية “مافي مرمرة” عام 2010، أن المساعدات من هيئة الإغاثة الإنسانية التركية لم تتوقف، بل أُرسلت لتدخل عبر مصر إلى القطاع، ولكن المساعدات الطبية ستكون الغالبة بالأسطول، ربما أكثر من 90% لأن استهداف إسرائيل للمشافي والمرافق الطبية، بات مرعباً ويتسبب بموت المرضى في المشافي والممرات، إلى جانب مساعدات إغاثية وغذائية أخرى.

وعلم “العربي الجديد” من مصادر خاصة أن اتحاد أسطول الحرية التابع لهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) يتابع التحضيرات الجارية لإرسال دفعة جديدة من “أسطول الحرية” إلى غزة، في محاولة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

الأمر الذي أكده مدير جمعية “مافي مرمرة للحريات والتضامن” التركية، بهشتي إسماعيل سونغور، بأن جمعيته بالتعاون مع “ائتلاف أسطول الحرية” تخطط لإطلاق سفينة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، مجددا عبر طريق البحر.

ويضيف مدير جمعية “مافي مرمرة للحريات والتضامن” أنه استجابة لنداء الاستغاثة العاجلة التي وجّهتها السلطات الفلسطينية، فإن جمعية مافي مرمرة وائتلاف أسطول الحرية قررا إطلاق أسطول جديد عبر الطريق البحري إلى قطاع غزة”، لكسر الحصار المفروض عليه.

ويعاني قطاع غزة بعد أربعين يوماً من القصف وتهديم البنى التحتية والمنشآت، الاقتصادية والخدمية، من نفاد جميع سبل استمرار الحياة، من غذاء وماء ووقود.

كما لم تسلم منشآت الضفة الغربية من الخسائر والأضرار، إذ يشير تقرير لوزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية إلى معاناة 94.8% من المنشآت من صعوبة التنقل وتوزيع البضائع ما بين المحافظات، وتعرّض 79.6% من المنشآت إلى اقتحامات سلطات الاحتلال المدن والبلدات الفلسطينية وهجمات المستوطنين، بحسب تقرير لوزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية.

ويؤكد التقرير تراجع الطاقة الإنتاجية للمنشآت الصناعية، خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بمتوسط 49%، وتراجع حجم العمالة في المنشآت الاقتصادية بنسبة 27.6% في الضفة الغربية.

وفي غزة، بات السكان في مرمى الجوع بعد أن استهدف الاحتلال تحويل القطاع إلى أماكن غير قابلة للحياة عبر تدمير محطات المياه وشبكات الكهرباء والمستشفيات ومنع دخول الوقود.

وضمن إجراءات الاحتلال للتضيق على القطاع تم تخريب أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الزراعية، حيث استهدف العدوان الإسرائيلي 25 ألف دونم على نحو مباشر، وهذا أدى إلى خراب مزروعاتها، وعدم مواءمتها للزراعة لاحقاً، نظراً لكمية المتفجرات التي أُلقيت عليها، حسب رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة سلامة معروف.

صعوبات وعقبات

في هذا السياق، يقول المتحدث باسم “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” فايز أبو عيد لـ”العربي الجديد” إن قطاع غزة توقفت فيه جميع النشاطات الاقتصادية، بما فيها الزراعية، وخرجت عن العمل والإنتاج، فحتى جني المحاصيل ممنوع على فلسطيني غزة الذين يفتقدون اليوم إلى الماء والغذاء والدواء، ويعانون انقطاع التيار الكهربائي، خاصة بالقسم الشمالي بجباليا ومدينة غزة، جراء التهديم الممنهج والتطهير العرقي.

وحول ما بدأ يتردد عن كسر الحصار وإعداد منظمات تركية لإرسال أسطول كسر الحصار عن غزة، يقول أبو عيد إن أي حملة إغاثية تُدْخَل إلى قطاع غزة المحاصر هو خطوة نحو تخفيف المعاناة عن أهالي القطاع الذين حرمهم الاحتلال الصهيوني من أبسط مقومات الحياة “أهلنا يموتون جوعاً بمعنى الكلمة ونتيجة قطع الكهرباء عن المشافي”

ويرى المتحدث باسم مجموعة العمل من أجل فلسطين أن تسيير اتحاد أسطول الحرية التابع لهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) إلى غزة، يعتبر تحدياً للحصار الإسرائيلي، وسيواجه الأسطول العديد من المصاعب والعقبات، أولها أن مدة التحضير وإرسالها طويلة، في حين يعاني سكان القطاع النقص الكبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، جراء قصف قوات الاحتلال للمشافي واستباحتها والسيطرة عليها.

ولكن، يستدرك أبو عيد من إسطنبول، رغم ذلك فإن القطاع المنكوب هو بحاجة إلى تضافر جميع الجهات الإغاثية الدولية من أجل إنقاذه من الموت المحقق نتيجة الحصار الغاشم الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنعت بموجبه إدخال المساعدات الإنسانية إليه، حتى إنها قصفت معبر رفح البري كي لا تتمكن قوافل الإغاثة من الدخول إليه، بعد أن قطعت الماء والكهرباء والاتصالات عن سكانه الذين يعيشون اليوم في جحيم حقيقي.

ويتساءل أبو عيد، هل تضمن السلطات التركية عدم تعرض أسطول الحرية الجديد للاعتداء والقرصنة من قبل قوات الاحتلال، وإذا ما تم ذلك كما حدث عام 2010 مع أسطول الحريّة الأوّل الذي ضمّ ستّ سفن، أبرزها السفينة التركيّة “مافي مرمرة” الذي تعرض لهجوم إسرائيلي خلال محاولته كسر الحصار البحريّ على غزّة، ما أدّى إلى مقتل عشرة متضامنين أتراك، ما هي ردة فعل الحكومة التركية على ذلك؟ هل سترسل مع الحملة سفن حربية كي تحميها؟ وهل هي في وارد فتح جبهة جديدة مع إسرائيل من أجل إيصال المساعدات إلى قطاع غزة؟ كل تلك الأسئلة برسم الإجابة عنها من قبل السلطات التركية.

كوارث معيشية

ويعاني قطاع غزة، بحسب الباحث، يوسف كاتب أوغلو، حتى قبل القصف الإسرائيلي والاجتياح الممتد منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من نسبة بطالة مرتفعة جدا تصل لنحو 46%، وأكثر من 80% من سكان القطاع يتلقون مساعدات إنسانية.

ويشير كاتب أوغلو لـ”العربي الجديد” إلى أن ما دُمِّر في عدوان عام 2014 على غزة، لم يُرَمَّم بعد، بل نحو 70% لم يتم بناؤه لتأتي حرب الإبادة الحالية على أكثر من نصف بنى القطاع تدميراً وخروج أكثر من 70% من شبكات نقل وتوزيع الكهرباء عن الخدمة ووصول الخسائر بهذا القطاع فقط، لنحو 80 مليون دولار، وكذا بالنسبة للقطاعات الخدمية والصحية والتعليمية التي لم تسلم من العدوان.

ويرى المحلل التركي أنه “من المبكر البحث بتكاليف الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة، والذي يعاني أصلاً من عجز تمويلي بنحو 250 مليون دولار، لاستكمال إعمار عدوان 2014، ولكن يمكنني القول إن الوضع كارثي ونسبة الفقراء أكثر من 95% ولا يوجد بمعنى الكلمة ما يأكله أو يشربه سكان القطاع، وخاصة بالقسم الشمالي”.

وكان رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، قد كشف سابقاً إن قطاع غزة تكبد 3 مليارات دولار خسائر مباشرة وغير مباشرة بفعل العدوان الإسرائيلي، الذي طاول المنشآت التجارية والاقتصادية ومنازل المدنيين ومقار حكومية وأهلية وبنى تحتية، في تقدير أَولي لحجم الخسائر بسبب العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقبلها بأيام كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) عن تعرض قطاع غزة لتدمير وتداعيات اقتصادية غير مسبوقة جراء العدوان الذي يتعرض له من قبل الاحتلال، ونبهت إلى أرقام مذهلة مفادها أن جميع سكان غزة تقريبا، أو ما يقدر بنحو 96%، يعيشون الآن في فقر، ويعانون أشكال الحرمان المتعددة بسبب الحرب الحالية.

لذا، يرى كاتب أوغلو أن على دول العالم والمنظمات والأحرار، السرعة القصوى لإسعاف سكان قطاع غزة من إبادة معلنة، معتبراً أن التحضير لأسطول الحرية بتركيا، خطوة مهمة وستكون محرضة للمنظمات ودول العالم للتحرك “رغم أنها متأخرة”.

إنزال جوي

بالإضافة إلى الاتجاه نحو إرسال المساعدات بحرا، تم اللجوء إلى إنزال المساعدات جوا، كما حدث من قبل الأردن في مرتين سابقتين.

وكان الأردن، أعلن الأحد الماضي، قيام طائرة تابعة لسلاح الجو الأردني، بإنزال مساعدات طبية عاجلة بواسطة “مظلات” للمستشفى الميداني بقطاع غزة السبت الماضي، وذلك للمرة الثانية خلال أسبوع، حسب وكالة الأنباء الأردنية “بترا”.

وجاءت عملية الإنزال بالتعاون مع الإمارات وقطر، لتعزيز وتطوير إمكانيات المستشفى، وزيادة قدرة الكوادر الطبية في تقديم خدمات صحية وعلاجية للتخفيف عن السكان في غزة، وفق بيان لـ”الجيش الأردني”.

وفي 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، قال العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، إن أفرادا من سلاح الجو الأردني تمكنوا من إنزال مساعدات طبية عاجلة في منتصف الليل للمستشفى الميداني الأردني في غزة.

مساعدات بالمظلات

وأول من أمس، طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بـ “إنزال المساعدات بالمظلات” على سكان القطاع.

وقال اشتية في اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي: “أطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإنزال المساعدات على قطاع غزة، وخاصة الشمال بالمظلات كما حصل في تجارب مختلفة في العالم، ونطلب فتح ممرات إغاثة لغزة وعدم حصرها بمعبر رفح فقط”.

ويعتبر معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، وتدخل منه حاليا الشاحنات المحملة بالأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية والمياه والبطانيات والخيام وغيرها من الإمدادات الطبية، ولكنها بكميات غير كافية بسبب التضييق الإسرائيلي.

وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، عبرت 76 شاحنة من مصر إلى غزة الأحد؛ ومن ثم يرتفع عدد الشاحنات التي دخلت إلى قطاع منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر إلى 981 شاحنة.

وكان قبل عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس ردا على الجرائم الإسرائيلية تدخل نحو 500 شاحنة يومية للقطاع لتلبية احتياجات الأهالي.

-العربي الجديد .

مقالات ذات صلة