عجلون.. ارتفاع أسعار المحروقات يسبب التعدي على الغابات

عامر خطاطبة – يؤكد سكان أن ارتفاع أسعار المحروقات، وعجز الكثيرين عن شرائها لمواقدهم، سيما مع انخفاض درجات الحرارة، دفع الكثير منهم لاستبدالها بمواقد الحطب، التي تعتمد على اخشاب الغابات، سيما لدى الأسر الفقيرة والتي تعجز عن شراء المحروقات، ما يزيد من ظاهرة التعدي على الحراج.
وكان موقعان حرجيان في منطقتي عين جنا وعجلون تعرضا، وفق سكان، لعمليتي تحطيب أتتا على حوالي 30 شجرة حرجية.
ويقول المواطن محمد الصمادي إن كثيرا من الأسر باتت عاجزة عن شراء وقود التدفئة من مادتي الكاز والديزل بسبب ارتفاع أسعارهما، لافتا إلى أن موسم الشتاء، وخصوصا مع انخفاض درجات الحرارة في المحافظة سيكلف الأسرة زهاء 500 دينار لشراء الوقود، ما يضطر بعضهم إلى اللجوء لجمع الحطب، وربما التعدي على الحراج، مطالبا بتخفيض أسعار الوقود خلال الشتاء، او بيعها للسكان في مناطق الغابات بأسعار مدعومة، ما يساهم في خفض التعديات.
ويؤكد المواطن محمود خطاطبة أنه ورغم الإجراءات وتشديد الرقابة من قبل الجهات المعنية بحماية الغابات، وانخفاض تلك الحوادث مقارنة بالأعوام السابقة، ما تزال الحرائق وحالات التعدي تفتك بغابات عجلون بين الحين والآخر، متسببة بخسائر في تلك الثروة التي لا يمكن تعويضها، وتستدعي ايجاد حلول للقضاء عليها، ومن بينها دعم أسعار المحروقات لكثير من الأسر الفقيرة التي لا تستطيع توفير قوتها.
ودعا إلى بيع الحطب الذي تقوم مديرية الزراعة بجمعه من مخلفات الحرائق والإنشاءات وفتح الطرق أو التي تتم مصادرتها للمواطنين الأشد فقرا بأسعار رمزية.
ويقول أحد الفقراء، فضل عدم ذكر اسمه، إنه يسعى يوميا لجمع الحطب اليابس في الغابات، مشيرا الى انه يتمكن من جمع زهاء 100 كغم، تكفيه بضعة أيام لأغراض التدفئة، وهو ما يوفر عليه مبلغا يزيد على 30 دينارا من أثمان الوقود.
ويقول الناشط البيئي الدكتور ثابت المومني، إن لجوء أعداد كبيرة من السكان لاستخدام مادة الجفت بالتدفئة بدأ يؤثر بيئيا؛ إذ إن مادة الجفت في حال احتراقها ينتج عنها غازات سامة لاحتوائها على نسبة تتراوح بين 3 الى 10 % من زيت الزيتون، والتي بدورها تلوث الهواء الجوي وفي حال ذوبانها مع بخار الماء في فصل الشتاء فإنها تتحول إلى احماض سامة، تعمل على تلويث آبار جمع مياه الشرب في المنازل كما تلوث التربة وتفسد خواصها، بما يعود سلبا على الاشجار المثمرة، حيث يؤدي ذلك إلى ضعفها وتردي جودة ثمرها لتنتهي الشجرة بحد ذاتها بالموت والهلاك.
وحذر من خطورة استخدام مادة الجفت في التدفئة بسبب ارتفاع كلف الطاقة النظيفة، مشيرا إلى ان غالبية سكان المحافظة من الفقراء والطبقة الوسطى يستخدمون مادة الجفت كوقود للتدفئة، إلى حد أن الأسر الأشد فقرا تستخدم الأحذية والملابس كوقود للتدفئة، ما يفاقم المشكلة، داعيا وزارة البيئة والطاقة والتخطيط للتفكير بحلول ناجعة تجنب عجلون والمواطن العجلوني استخدام مادة الجفت، كتوفير طاقة الخلايا الشمسية لتكون بمتناول الفقراء.
لكن الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورنس المجالي، اكد بأنه تم ضبط اعتداء على عشرة شجيرات حرجية في منطقة النزاز من أراضي عين جنا، مشيرا إلى تحويل القضية إلى الحاكم الإداري والأجهزة المختصة.
وتابع يقول “أما بالنسبة لقطع عشرين شجرة في منطقة الصفرا فإن القطع قد تم بموافقة وزارة الزراعة حسب التعليمات والقوانين وبإشراف كوادر وزارة الزراعة في مديرية زراعة عجلون، وذلك لفتح طريق زراعي في المنطقة”.
وأكد المجالي تشديد الرقابة والإجراءات الخاصة بالتعديات على الأشجار الحرجية، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، والتي أدت إلى انخفاض نسبة التعديات 85 %، مقارنة بالسنوات الماضية.
وتشير أرقام مديرية زراعة المحافظة، إلى أنه تم خلال العام الحالي ضبط 50 قضية تعد على الغابات بالتقطيع، والتعامل مع 16 حريقا غالبيتها مفتعلة.
وكانت أشد تلك الحوادث إضرارا بالثروة الحرجية، تعرض عشرات الأشجار للتقطيع الشهر الماضي في منطقة راسون، وحادثة حريق أتى على 200 شجرة متنوعة.
يذكر أن وزير الزراعة والبيئة إبراهيم الشحاحدة اطلع مؤخرا وخلال جولة ميدانية على غابات المحافظة، على مدى الجاهزية في مكافحة التحطيب وإجراءات الرقابة لدى كوادر الحراج والمعدات المساندة، من أجهزة لاسلكية ومعدات رصد وتوزيعها واستمع لأهم التحديات التي تواجه كوادر الحراج في عجلون.
وأكد خلال الزيارة على ضرورة التشاركية الدائمة مع الجهات ذات الصلة من الشرطة البيئية الملكية والحكام الإداريين، وعدم التهاون مع أية تجاوزات للحد من مشكلة التحطيب خاصة في موسم الشتاء.
إلى ذلك، طالب الناشط البيئي المهندس خالد العنانزة الجهات المعنية كافة، بضرورة أن تكون على أهبة الاستعداد خلال الشتاء وتشديد الرقابة، وتكثيف الحملات التوعوية والتطوعية للحد من حالات التعدي على الحراج. وطالب بتعزيز إمكانات الجهات المعنية بحمايتها، من الطوافين والشرطة البيئية، لافتا إلى أهمية إيجاد خطط وبرامج توعوية متنوعة بهدف حماية الغابات من التعدي والحد من الحرائق وتوفير خزانات لتجميع المياه بين الغابات للاستعانة بها عند الضرورة.
ويؤكد مصطفى حمادات أن إجراءات الحماية والوقاية ما تزال غير كافية وتحتاج إلى المزيد، كما أن العقوبات غير رادعة للحفاظ على هذه الثروة الوطنية.
من جهته، يقول مدير زراعة المحافظة المهندس رائد الشرمان، إن حالات التعدي على الغابات انخفضت بشكل ملحوظ العام الماضي والعام الحالي مقارنة بالأعوام السابقة، مبينا أن المديرية باعت للمواطنين من مخلفات الحرائق والتعدي، زهاء 15 طنا من الحطب.
وأرجع ذلك الانخفاض إلى وجود خطط لدى المديرية، وجهود تشاركية يتم اتخاذها سنويا بالتعاون والتنسيق مع وزارات الأشغال العامة والإسكان والشؤون البلدية والبيئة والإدارة الملكية، لحماية البيئة ومجلس الخدمات المشتركة، لافتا إلى أنه جرى مؤخرا زراعة 200 دونم في منطقة راجب بالأشجار الحرجية.

مقالات ذات صلة