للوزير ذنيبات .. كيف يكون ترحيل الازمة وتجاهل التفاهمات انجازا وبطولة ؟

حرير – يبدو ان الحكومة قد افلست تماما، ولم يعد رئيسها ولا وزراؤها قادرون على اقناع احد، وكل الكلام المعسول  للرئيس وفريقه، وجودة تقمصهم للأدوار وادائهم التمثيلي الرفيع، وقدرتهم على الفصحنة والايهام واستخدام لغة  الجسد، لم يحرك ساكنا، ولم يزحزح معلما واحدا من عشرات الاف المعلمين المضربين، عن موقفه واضرابه ومطالبه المشروعة. وعليه يظهر ان الحكومة بحاجة ماسة لفزيع، من الصحفيين والسياسيين والمسؤولين السابقين، عل ما يقولونه يساهم في تفكيك الحالة وضرب الاجماع وزعزعة الصفوف، علهم ينجحوا في خلق رأي عام مناوئ لنقابة المعلمين، وهي الخيار الذي تبين انه غير ناجع وتسبب برد فعل عكسي.
واضح -والحالة هذه-  أن اضراب المعلمين أصبح فرصة لكلّ طامح بالعودة إلى المشهد السياسي، وباحث عن تعظيم مكتسباته  والعودة الى الاضواء ودائرة الفعل والتأثير، كيف لا وهم يعرفون جيدا ان موقفهم هذا يدغدغ مشاعر مراكز القرار المتوافقة على انهاء الاضراب دون تنازلات…
عبقرية الحكومة  في تعاطيها مع قضية الاضراب المستمر منذ بداية العام الدراسي، تفتقت عن حصر النقاش في هذا الملف، بقضية ان اتفاق عام ٢٠١٤ لم توقعه الحكومة، وان التزام مجلس النواب حينها بتلبية مطالب المعلمين باتفاق خطي مع نقابتهم، ليس ملزما للحكومة. وهو الامر الذي رد عليه المعلمون منذ البداية بقولهم: مجلس نقابة المعلمين الحالي قرر وبناء على تطورات و معطيات يعرفها الجميع ، اللجوء الى خيار الاضراب وهذا قرار مستقل وجديد ولا علاقة له بمجريات ما حدث في العام 2014 والاتفاق الموقع الذي تنصلت منه الحكومة، رغم ان هذا الاتفاق كان سببا مباشرا لانهاء اضراب المعلمين حينها..
الفزيعة وصلوا ..
بالأمس، أطلّ وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمد الذنيبات عبر وسائل الاعلام متحدثا عن الاتفاق الذي وقعه مجلس نقابة المعلمين الثاني مع مجلس النواب عام 2014 من أجل فكّ الاضراب الذي كان قائما في حينها، مؤكدا أن الحكومة لم تلتزم بدفع أي قرش من مبلغ العلاوة الذي يطالب به المعلمون منذ عدة سنوات،  نظرا لكون الخزينة  غير قادرة على تحمل زيادة رواتب المعلمين 60 و 70 دينار شهريا!
صحيح أن لجنة التربية النيابية هي من وقّع الاتفاق مع المعلمين آنذاك، لكن الحكومة لم تخرج في ذلك الوقت لتقول على الملأ أنه اتفاق غير ملزم لها، فالذي نفهمه أن البرلمان دخل في وساطة، عندما فشلت الحكومة في احتواء الازمة، عندما عجز الوزير ذنيبات عن وضع صيغة ملائمة، عن التفاهم مع كوادره، عن احترام حاجاتهم و ظروفهم المعيشية الصعبة، التنصل من هذا الاتفاق ليس بطولة  يا معالي الوزير، وخاصة انك لم  تحل المشكلة، بل قمت بترحيلها، ورمي  كرة النار في حضن حكومة قادمة و وزير تربية اخر.
وزراء التأزيم ..وعقدة التنمر
عندما نُشر ان الوزير ذنيبات سيتحدث عن موضوع اضراب المعلمين ،كنا نتوقع ان يقدم للرأي العام  مقترحات وخيارات وبدائل وحلول للخروج من حالة الاستعصاء وانسداد الافق، وخاصة ان الاضراب قد دخل اسبوعه الثاني، وبات الناس متعطشون لصوت العقل  ورجال الدولة  الحقيقيين.. ولكن للاسف اظهر الذنيبات تمترسا خلف الموقف الرسمي، بذريعة عجز الخزينة..
 الذنيبات اكد مرارا وتكرارا ان حكومة عبدالله النسور لم توقع اتفاقا مع المعلمين ،وكأن هناك من ادعى ان الاتفاق قد وقعته الحكومة، او ان عدم توقيعه من قبل الحكومة يضرب شرعية الاضراب ،ويستوجب التراجع عنه..  تركيز ذنيبات على هذه المسألة ليس بريئا، هو محاولة للاستعراض وفرد العضلات، يريد ان يقول للحكومة الحالية، ان حكومة النسور لم ترضخ لارادة المعلم، وانه نجح في انهاء الاضراب دون علاوة ودون توقيع اتفاق، يريد ان يقول ان فهلوة حكومة النسور نجحت في انهاء الازمة دون كلفة..
كنا نتوقع ان يطلب الذنيبات الاحتكام الى الحوار، كنا نتوقع منه ان يتفهم وضع المعلمين وظروفهم الاقتصادية الصعبة، ان يراعي ان اضرابهم الثاني جاء بعد إفشاله لاضرابهم الاول، بعد تجاهله لمطالبهم في العام ٢٠١٤، كنا نتوقع ان يتفهم وهو خارج السلطة ما لم يتمكن من الاعتراف به وهو على كرسي المسؤولية.. ولكن يبدو ان بريق السلطة ولعنتها تلازم المسؤولين   سواء اكانوا في مراكزهم او خارجها بانتظار وضع ارجلهم في الركاب من جديد..
فرضيات ساقطة ..
ماذا لم تم افشال اضراب المعلمين هذه المرة ايضا؟ هل هذا ينفي حقيقة ان المعلم يتقاضى راتبا لا يكفيه قوت يومه، هل هذا يلغي حقيقة ان المعلم يعاني الامرين ويشتغل بوظفة واثنتين حتى يعيش، ويؤمن الحد الادنى من المتطلبات الاساسية له ولاسرته؟!! كيف يتصورون ان كسر ارادة المعلم ستكون  منجزا؟
لقد اوجع المسؤولون رؤوسنا بالكلام الفارغ عن الموازنة والعجز والمديونية، وهم يتقاضون وينفقون ويضعون اولويات الانفاق والصرف وكأننا في دولة عظمى، كيف تريدوننا ان نصدق هذه الترهات؟
رفع رواتب المعلمين و موظفي الدولة اولوية يا صناع القرار والا فان خسارتنا ستكون بحجم الدولة..

مقالات ذات صلة