ما الذي كتبه نضال منصور عن اعتصام المعلمين ؟؟

 نضال منصور

حرير – قررت الحكومة وأجهزة الأمن منع نقابة المعلمين من تنفيذ اعتصام دعت له على الدوار الرابع بالقرب من رئاسة الوزراء، واعتبرت ان ذلك يضر بالمصالح العامة.
أجهزة الأمن لمواجهة هذا الاعتصام اغلقت كل الطرق المؤدية للرابع، وبعض الطرق الخارجية لمنع تدفق المعلمين والمعلمات الى الاعتصام، والنتيجة كانت شلل شبه كامل للحياة في عمان، وأزمة سير خانقة لم تشهدها البلاد من قبل.
تتحمل الحكومة مسؤولية هذا السيناريو في التعامل مع الاعتصام، وإن كانت بحق اتخذت هذا القرار لمنع تعطل مصالح الناس وحركة السير، فهي بإغلاقها الطرق فعلت أكثر مما كان سيحدثه الاعتصام، وان كانت تريد ان تخلق نقمة شعبية ضد نقابة المعلمين فأستطيع أن أقول للحكومة بضمير مرتاح انها زادت شعبيتها وتضامن الناس معها.
القصة ليست قضية اعتصام امام رئاسة الوزراء، الامر يتعلق بالعقل السياسي الامني الذي لم يتقبل حتى الان وجود نقابة كبيرة للمعلمين تستطيع بسهولة ان تحشد وتؤثر على صانع القرار، وتملك مفاتيح تعطيل المدارس، وهذا يعني تأثير كبير على حياة الناس، ولهذا فان هناك “خط احمر” يمنع، ولا يسمح لهذه النقابة أن تكبر، ويتسع دورها ونشاطها وتفرض برنامجها وإرادتها.
ربما يتفق الجميع أن رواتب القطاع العام قليلة ولا تتناسب مع غلاء المعيشة، والمؤكد أن الحكومة تدرك أن تحسين مستوى التعليم وتحقيق نهضة تربوية يحتاج لإنصاف للمعلمين والمعلمات حتى تتوفر لهم سبل العيش الكريم.
هذا معروف ولكن الحكومة تشكو الازمة الاقتصادية، وتزايد المديونية، وعدم توفر المبالغ المالية للاستجابة وإعطاء علاوة الـ 50% التي تطلبها النقابة.
بعيداً عن الاتفاق الذي وقع مع نقابة المعلمين عام 2014 ويقر العلاوة لهم، وتتنصل الحكومة منه وتقول إنه وُقّع مع مجلس النواب ولم تلتزم به، وتشير بالمقابل إلى انقلاب النقابة على تعهداتها، بعيداً عن تضارب الروايات حول هذا الاتفاق، فإن ما يستحق النقاش هو تجاهل الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون لحق الناس بالإضراب والتجمع السلمي، والمشكلة لا تتوقف عند نقابة المعلمين بل يمتد الامر لفعاليات أخرى منعت، وأحياناً يتم اعتقال وتوقيف بعض المشاركين بها.
كان يمكن السماح للمعلمين والمعلمات الاعتصام لمدة 3 ساعات، والتكفل بإدارة أزمة السير في حدود منطقة الدوار الرابع فقط، وبعدها ينصرف الجميع لحاله دون صناعة ازمة وحالة احتقان في الشارع، وإطلاق القنابل المسيلة للدموع، واللجوء لاستخدام القوة لردع ومنع المعتصمين من التقدم نحو الدوار الرابع.
لا افهم كيف تدار الازمات في بلادي؟ ولكني أشاهدها تتناسل وتتعاظم، فمن أزمة الرمثا الى الكرك وأخيراً اعتصام المعلمين، أرى أن الحكومة للأسف تحولت بسوء تقديرها لمشعل للحرائق، وبصعوبة ومتأخرة تتحرك لإطفائها.
أعلنت نقابة المعلمين دعوتها للإضراب اعتباراً من اليوم الأحد، وقالت الحكومة على لسان وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين أن ذلك يخالف القانون.
من الواضح ان نذر ازمة تلوح في الافق ما لم يتحرك رئيس الحكومة عمر الرزاز لتطويقها وفتح حوار مباشر وجاد مع النقابة للتوصل لتفاهمات، فالرئيس هو الخاسر الاكبر مما حدث.
اعيد الحديث خلال الايام الماضية واستحضر القرار رقم (6) الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين بتاريخ 15/ 9/ 2014 والذي يشير بوضوح “إلى أن اضراب المعلمين الحق ضررا بمصلحة الطلبة وحقهم في التعليم، وانه اسلوب غير مشروع في تبني مطالب المعلمين، ويشكل مخالفة لأحكام قانون التربية والتعليم، وقانون نقابة المعلمين، ونظام الخدمة المدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية “.
والسؤال الان؛ استخدام هذا القرار القضائي بوجه نقابة المعلمين الى أين سيقود؟ وإذا ما استمرت النقابة على موقفها بالإضراب، هل سيتقدم سيناريو الحوار والتفاهم للوصول إلى حلول مشتركة ام سيفشل ذلك، وتلجأ الحكومة للقانون، وربما يكون حل النقابة احدى الخيارات المطروحة على الطاولة؟!

مقالات ذات صلة