“نيويورك تايمز”: السعودية تسيء استخدام المسجد الحرام في مكة للدفاع عن حكام البلاد وأفعالهم

حرير – على الرغم من التواضع الذي يبدو عند استخدام لقب” خادم الحرمين الشريفين” عند الاشارة لملوك السعودية إلا أن العائلة المالكة لها تاريخ طويل في استغلال منبر المسجد الحرام في مكة المكرمة عبر استخدام الأئمة للإشادة والتقديس والدفاع عن حاكم البلاد وأفعالهم.
وقال خالد محمد ابو الفضل، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، في مقال رأي نشرته صحيفة” نيويورك تايمز” إنه في أعقاب مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، وبينما كانت نظرات العالم مشحونة على الأمير، محمد بن سلمان، عادت الملكية السعودية مرة أخرى إلى استخدام المسجد الحرام للدفاع عن ولي العهد والتحدث عنه بطريقة تؤكد شرعيته وسيطرته على مكة والمدينة بطريقة مزعجة للغاية.
وأشار أبو الفضل إلى خطبة ألقاها الشيخ، عبد الرحمن السديس، إمام المسجد الحرام وصاحب أرفع سلطة دينية في السعودية، في يوم الجمعة المصادف 19 أكتوبر، من نص مكتوب، إذ شرع في تمجيد محمد بن سلطان كهدية إلهية للمسلمين، وقال في الخطبة التي بثتها الشبكات التلفزيونية وتناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي إن “مسار الإصلاح والتحديث في هذه الأرض المباركة .. من خلال العناية والاهتمام من قبل ولي عهدها الإصلاحي الشاب الطموح والمخلص، صاحب الرؤية الابتكار والحداثة المتعمقة رغم كل الضغوط والتهديدات”.

حذر الامام السديس من الاعتقاد في ” شائعات” وسائل الاعلام وأكد أنها مقصودة من أجل إلقاء الشكوك على ” القائد المسلم العظيم”، ووصف المؤامرات ضد ولي العهد بأنها تهدف إلى تدمير الإسلام والمسلمين

خطبة السديس مقلقة للغاية، كما يضيف أبو الفضل، وهي انتهاك لحرمة المكان المقدس لدرجة الاسترشاد بمقولة منسوبة للرسول محمد (ص) بأن الله عز وجل يرسل، مرة كل قرن، مجتهداً ومصلحاً عظيما لاستعادة الإيمان أو تجديده، وقد شرع السديس في تمجيد بن سلمان لكي يثبت أن ولي العهد هو المجتهد الذي أرسله الله لإحياء العقيدة الإسلامية في عصرنا الحديث.
واستناداً على الجدل الذي أعقب اغتيال خاشقجي، حذر الامام السديس من الاعتقاد في ” شائعات” وسائل الإعلام، وأكد أنها مقصودة من أجل إلقاء الشكوك على “القائد المسلم العظيم”، ووصف المؤامرات ضد ولي العهد بأنها تهدف إلى تدمير الإسلام والمسلمين محذراً من أن “جميع التهديدات ضد إصلاحاته الحديثة لا تلحق الفشل فحسب بل تهدد الأمن الدولي والسلام والاستقرار”.
ونبه إلى أن الهجمات ضد “هذه الأراضي المباركة” هي استفزاز وجرم لأكثر من مليار مسلم، وقد استخدم الإمام مصطلح “المحدث” للإشارة إلى بن سلمان في مقارنة مرفوضة للخليفة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه.

لم يسبق أن استغل رجال الدين في السعودية منبر الرسول محمد بمثل هذه الوقاحة ليخدموا النظام الملكي

ودعا الإمام السديس من أجل “حماية الأمير من المؤامرات الدولية التي نسجها أعداء الإسلام” وخلص في خطبة قريبة من المهزلة، إلى أنه “من واجب المسلمين كافة أن يدعموا ويطيعوا الملك وولي العهد الأمين وحماة وأوصياء المواقع المقدسة والإسلام”.

وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أنه لم يسبق أن استغل رجال الدين في السعودية منبر الرسول محمد بمثل هذه الوقاحة ليخدموا النظام الملكي، وعادة ما يتم قراءة الخطب في مكة المكرمة والمدينة المنورة من نص مسبق تتم الموافقة عليه من قبل قوات الأمن السعودية.

لعقود من الزمن، كانت الخطب التي ألقيت في مكة والمدينة فطرية ومتوقعة، ولكنها أظهرت القليل من المقاومة، وقد سعى المدعون السعوديون إلى فرض عقوبة الاعدام على بعض الفقهاء والأئمة البارزين مثل الشيخ صالح الطالب، والشيخ بندر بن عزيز بيلا، والشيخ سلمان العودة، وهو رجل دين اصلاحي اعتقل في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأكد أبو الفضل في مقالته المثيرة للجدل أن الائمة الذين يسمح لهم بالصلوات وإلقاء الخطب هم فقط أولئك الذين وافقوا على تصرفات بن سلمان حتى لو كان السماح بالزنا لمدة ساعة على شاشات التلفزيون على حد تعبير الشيخ عبد العزيز الريس في محاضرة، لأن المطلوب هو تجمع الناس حول الحاكم وليس وقوفهم ضده.
وخلص أبو الفضل إلى القول إنه من خلال استخدام المسجد الحرام لإضفاء الصبغة البيضاء على أعمال الاستبداد والاضطهاد ومنح الشرعية لبن سلمان فان هذا يعد انتهاكا للسيطرة والوصاية السعودية على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة.

نيويورك تايمز

مقالات ذات صلة