شهادات وشواهد الإبادة

حاتم الكسواني

لقد تفننت الصهيونية العالمية بالترويج للهولوكوست ” الإبادة ” التي قامت بها النازية الألمانية ضد يهود ألمانياوبولندا  فبالغت بسرد احداثها وأبقت تفاصيلها حية ، ولعل أبرز الأماكن التي يتوجب على كل المؤسسات والنقابات البولندية تنظيم زيارات لضيوفها إليها هو معرض الإبادة ” الهولوكوست ”  .

والهولوكوست مكان يأمه وفود غفيرة من إسرائيل وكل ضيوف بولندا ومعروض فيه أفران الحرق التي كانوا يحرقون اليهود فيها ، وواجهات زجاجية تعرض خلفها أكواما من جماجم من حرقوا هناك ، وواجهات أخرى تعرض خلفها أكواما من جدائل و خصلات شعر قصت ممن أحرقوا قبل حرقهم .. و معرض صور ومجسمات وادوات … وغيرها .

والآن وبعد ان صبت الصهيونية العالمية جام غضبها على أهل غزة لأن  مقاومتها نفذت عملية طوفان الاقصى بتوقيت قلب كل موازين اللعبة وخلط كل أوراقها فكانت عملية الإبادة الجماعية التي لم تشهد الإنسانية مثيلا لقسوتها واستراتيجيتها … إبادة مختلفة في استهدافاتها وادواتها لأنها استهدفت الأطفال والنساء على وجه الخصوص لوقف عملية التزايد  الديموغرافي ذات المعدلات العالية وفق المقاييس العالمية بين ابناء الشعب الفلسطيني .

اما أدوات الإبادة الصهيونية لأبناء الشعب الفلسطيني فكل الشهادات تفيد بإستخدام العدو الصهيوني لكل الأسلحة المحرمة دوليا واسلحة محرمة حديثة لم تستخدم في أية حروب سابقة  .

وعليه فإن على الجهات الفلسطينية ذات العلاقة أن تنشط في عملية التوثيق لكل ما استخدم من أسلحة وأساليب تدميرية في عملية الإبادة ، كما عليها أن تنشط في توثيق الشهادات الحية حول مجريات الإبادة واحداثها وقصصها وحالاتها ونتائجها .

على الجهات الفلسطينية ذات العلاقة أن تترك على الأرض النماذج الأقسى  من عمليات التدمير التي أحدثها العدوان التي مازالت ماثلة للعيان كتدميرهم للجامعات والمساجد والكنائس والمستشفيات والابراج والمربعات السكنية حتى تبقى شاهدا لزوار غزة على مدى الأيام القادمة  ،  كما عليها أن تعد لتأسيس محطات إذاعة وتلفزيون لبث شهادات يتم تسجيلها اليوم أثناء الحرب ،  وغدا بعد الحرب وبالصوت والصورة  لتذكر بمآسي الإبادة ونتائجها المأساوية الإنسانية والإجتماعية واضراراها الإقتصادية .

ولابد من توثيق الإجرام الصهيوني ضد قطاعات التعليم والصحة والتجارة والصناعة وضد المواقع الدينية و الأثرية و التاريخية والتراثية  .

لابد من استخدام افضل عناصرنا من فنانين وفنيين أو إستئجار خدمات جهات محترفة في مجالات  التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني والإنتاج الفني التلفزيوني والسينمائي و التوثيقي  لتوثيق كل ما يمكن توثيقه من صور وأفلام ومواد لإعداد أكبر مادة صوتية وفلمية تشكل  ذاكرة للإبادة  .

ولابد من إستحضار عديد من قصص ومعاناة شهداء الإبادة ممن علقوا تحت الأنقاض أو إغتيلوا من نقطة الصفر او قصفا مقصودا لمنازلهم من مواطنين من مختلف الأعمار..  اطباء وكوادر طبية .  مبدعين في مجالات العلوم والتكتولوجيا والادب .. طلبة واستاذة جامعيين … وغيرهم ، وذلك  بإستخدام تقنية الذكاء الصناعي التي تمكنهم من رواية  ماجرى معهم بالسنتهم .

ولابد أن نلاحظ بأن زمن  الإبادة للفلسطينيين ” الهولوكوست الصهيوني ”  يختلف عن زمن” الهولوكوست النازي ”   فنحن في زمن الثورة الإعلامية والمحطات الإذاعية والتلفزيونية  عابرة الحدود و زمن وسائل التواصل الإجتماعي التي جعلت من كل مواطن صحفيا  و فتحت آفاق المعلومة لعامة الناس ولكل الشعوب ، ولابد أن نستغل هذه الميزة لنعظم رسائلنا ونعممها على أوسع صعيد ،  ونبقى نذكر العالم بسادية وعنف وعنصرية الحركة الصهيونية وما اقترفته من إبادة بحق الشعب الفلسطيني على مدى 75 عاما .

ومن المهم تأسيس أكثر من معرض في غزة وعدد من المدن الفلسطينية ، وحتى  في أكثر من عاصمة عربية حول هولوكوست غزة وعرض كل مايتاح من صور ، وفيديوهات ، ومجسمات ، وادوات ،  ولوحات زيتية ،  وواجهات زجاجية ،  ونماذج أسلحة الإبادة … وغيرها .

المهم ان لانضيع ذاكرة الإبادة الصهيونية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني وأن نوثقها وأن نواصل عرضها والتذكير بها لإستغلالها في معركة المصير الوجودية بيننا وبينه .

فلابد أن يدفع العدو الصهيوني ثمن عنصريته وتطرفه وعقليته الإجرامية .

 

مقالات ذات صلة