التغلّب على المديونية ونقص الموارد.. خالد الزبيدي

 

التغلّب على المديونية ونقص الموارد.. خالد الزبيدي

 

هناك مجموعة كبيرة من الدول استطاعت التغلب على الدين العام، ونقص الموارد الطبيعية لاسيما النفط، وتصدرت دول العالم من حيث الانتاج والتصدير وتحقيق الرفاه واصبحت من الدول المانحة وتقدم منتجاتها للدول والشعوب، وفي نفس الوقت توفر افضل مستويات معيشية لمواطنيها، وتقدم خدمات صحية وتعليمية واجتماعية مميزة.
ما تقدم ضروري ونحن نتابع اوضاعنا المالية والاقتصادية ومحاولات المسؤولين لايجاد مبررات لما نحن فيه من معاناة منذ عقود وسنوات، تارة الاعتماد المستمر على المنح والمساعدات، وتارة اخرى ندرة الموارد الطبيعية، وتارة ثالثة نتحدث عن اعباء اللجوء والمتغيرات الاقليمية.. وفي هذا السياق يمكن تقديم عشرات المبررات، وفي واقع الامر ان مشكلاتنا هي من صنع ايادينا وسياسات حكومية تقدم العربة على الحصان، ثم تلعن العربة والحصان وقد يحلو للبعض لعن الطريق والمناخ ..
من الدول التي قامت من تحت الرماد اليابان التي امطرتها امريكا بالقنابل النووية، والمانيا التي دفعت ثمنا باهظا في حربين عالميتين وخسرت عشرات الملايين من القتلى والجرحى، وبرغم ذلك استطاعتا النهوض وتصدرتا الاقتصاد العالمي واصبحتا من دول الفائض المالي والتجاري، اما كوريا الجنوبية (او جنوب كوريا) كما يفضلون تسمية بلادهم انتقلت من فقر مدقع وجوع حقيقي في ستينيات القرن الماضي الى واحدة من الاقتصادات الصاعدة وان انتاج شركة كورية واحدة مثل ال جي او سامسونج يعادل موازنات ست دول عربية او اكثر.
تركيا والبرازيل اللتان غرقتا في الديون وتهاوت عملاتهما الوطنية منتصف ثمانينيات القرن الماضي تجاوزتا ظروفهما واصبحتا اليوم من الدول الرائدة التي تنافس مجموعة الدول الصناعية السبع، واليوم تركيا على سبيل المثال تعلن انها ستضاعف انتاجها القومي بنسبة 100% بحلول العام 2023، وهذا الهدف قد ينقل تركيا الى قائمة افضل 12 دولة اقتصاديا واستثماريا.
تركيا ليست دولة نفطية ومواردها الطبيعية باستثناء المياه محدودة وتعداد سكانها يناهز الـ 80 مليون نسمة، ويبلغ دينها العام حوالي 450 مليار دولار يشكل 43% نسبة الى الناتج الاجمالي، ومع ذلك تنافس تركيا صناعيا بشكل قوي، وتتجه لتجاوز كلفة الطاقة بتنويع مزيج الطاقة بالاعتماد على الطاقة النووية، اما سياحيا تعد تركيا افضل مقصد سياحي اقليمي وتتجاوز مقبوضاتها السياحية حاجز الـ 40 مليار دولار سنويا.
تشجيع الادخار وتحفيز الانتاج والتصدير ومعاقبة من يخرج بأمواله خارج البلاد، والاستماع باحترام للمستثمرين وتلبية احتياجاتهم ادى الى تحسين قدرة الاقتصاد التركي على استقطاب الاستثمارات والاموال وتوظيفها في مشاريع منتجة وتحقق النمو المستدام..
النموذج التركي وقبله البرازيلي والكوري الجنوبي جديرة بالدراسة، فتحسين اداء الاقتصاد لا يتحقق برفع الاسعار والضرائب وملاحقة المستثمرين والمستهلكين، واعتماد وصفات خارجية تضر اكثر مما تفيد.

مقالات ذات صلة