شو في بالبلد ! … صالح عربيات

لم أذهب الى مكان في الأردن الا وأسمع التذمر والشكوى. قبل أيام كنت في محل دجاج وكان العامل المصري يشكو لي من تراجع المبيعات ويريدني أن أكتب عن فوائد لحم الدجاج مقابل أن يعطيني مجموعة كبد وقوانص. يا ترى أين ذهب أكلة الدجاج؟ وحسب علمي لا يوجد في الأردن بطريق وعدد الإوز والبط محدود جدا حتى نقول إن الأردنيين وجدوا بديلا له، ولا يوجد بحث طبي حديث يفيد أن المقلوبة تسبب السكتة القلبية حتى ينفر الأردنيون منها، ولم يكتشف النفط في الأردن بعد حتى نقول إننا أصبحنا من أكلة الغزلان والخرفان المحشية.
دخلت أيضا إلى محل خضراوات وفواكه بعد الظهيرة وكانت بكس البندورة على حالها وصاحب المحل يتابع روتانا سينما، عادة ما أشتري البندورة بالكيلو، وهذه المرة أغراني السعر واشتريت بكسة، شكا لي صاحب المحل أيضا من تراجع الطلب وكثرة المعروض، وحسب علمي أن البندورة تدخل كمكون رئيسي في معظم الطبخات، وهي ضرورية للسلطة ولا يمكن أن يكون الكيوي بديلا لها. عن جلب أي استثمارات يمكن أن نتحدث ونحن لم نعد قادرين حتى على جلب من يفغم البندورة!
أنا زبون عند أحد مطاعم الحمص القريبة من منزلي، ومن يقلي الفلافل صديقي على “فيسبوك”، لفت انتباهي أنه دائما متصل وأول من يضع لايك على منشوراتي مع أنه من المفروض أنه لا يجد وقتا للرد حتى على المكالمات، سابقا كنت أتودد لهذا العامل أكثر من توددي للمحافظ حتى لا أنتظر كثيرا على الدور، في هذه الأيام نتبادل الحديث لساعات ويطلب لي كاسة شاي ولا يأتي في هذه الأثناء من يشتري فلافل، إن كان الفلافل الوجبة الشعبية الأولى في الأردن أصبحنا غير قادرين على تحفيز صناعته، فهل فعلا من الممكن أن تنجح خططنا في تحفيز الاقتصاد؟!
صاحب إحدى المشاحم يفكر في إغلاقها بسبب الركود، فهل أصبح الأردنيون يستخدمون زيت القلي بديلا لزيت السيارات، وصاحب محل أدوات منزلية يعلن عن عروض مذهلة على أطقم كاسات الشاي والقهوة، مع أننا الشعب الوحيد الذي لا يمكن أن يذهب الى مناسبة ويده فاضية، حتى محلات الملابس أعلنت عن خصومات كبيرة ولم تستقطب حتى من يشتري جربان!
في الحروب والويلات والكوارث، الناس يأكلون فلافل ويشترون بندورة ويطبخون مقلوبة، بينما اليوم لا نعاني حسب ادعاء المسؤولين الا من أزمة السير والناس لا يأكلون ولايشربون ولا يلبسون وأشك أنهم ينامون!
رغم المؤشرات السابقة، ما يزال المسؤولون لديهم قناعة أن إجراءاتهم الاقتصادية الأخيرة ستحقق النمو الاقتصادي.
لو في نمو، لما وجدت عامل نتافات الدجاج يستقبل الزبائن كما تستقبل الدولة كبار الضيوف، ولما وجدت صاحب محل الخضراوات والفواكه ينادي بأعلى صوته ويستجدي ويصرخ من أجل بيع البندورة، ولما وجدت بياع الفلافل يدير ثلاث قروبات على “واتس اب” على مدار الساعة.
صدقا لم أجد شيئا ينمو في هذا البلد غير الشعر والأظافر، وعلى الحكومة أن تراجع سياساتها فورا وتسأل شو في بالبلد؟!
فالبلد لم يعد شعبه يأكل ويشرب ويلبس وينام، فباعتقادي لماذا التبذير والفشخرة التي ليس لها لزوم بتعيين الحكومات، ما حاجتنا لرئيس الوزراء وطاقمه الوزاري وخططه المستقبلية وبياناته الوزارية؟!

مقالات ذات صلة