هجاء طريق دولي…محمد الفضيلات
تشعر خلال الكيلومترات الأولى، بنشوة بالتوغل أكثر، فالطرق التي تحملك من داخل العاصمة إلى حافة الجنوب، حديثة، تعيش شباباً دائماً بفعل الصيانة والتأهيل المستمر، ولا تزعجك سوى أمتار بسيطة، نتيجة التحويلات المستحدثة في محيط شارع المطار الذي يجري إعادة تأهيله وفق أفضل المواصفات العالمية، إذا فهو إزعاج محبب ينبئك بالأفضل المنتظر، خاصة وأنت ترى العمل على قدم وساق.
بعدما تودعك لافتة باسم العاصمة مع أمنيات السلامة، تدرك كم أن التمني يفيد الاستحالة، فالطريق يصبح الآن ضرباً من ضروب المغامرة، الحفر تعقد مصادقة مع الدواليب، حتى تشعر أنك في اختبار للقدرة والتحمل، يتسلل إليك الضجر وأنت تلتهم الإسفلت أملاً في الإفلات من الصحراء المحيطة بالطريق لتقع في فخ صحراء لا تنتهي، على الجوانب تصادفك مشاريع تشجير مراهقة لا تبشر بجوانب خضراء مستقبلاً، والاستراحات متهالكة لا توفر شروط الراحة، لكن الخطر الأكبر مئات الشاحنات التي تحتل الطريق جيئة وذهاباً، فارضة شروطها، ومتسببة في كثير من الحوادث المميتة، وانعدام الإنارة ليلاً.
الطريق الصحراوي البالغ طوله قرابة 330 كيلومترا، والعائد إنشاءه إلى العام 1957، ليس شارعاً فرعياً، يشتاق للسيارات التي تأتي مصادقة، بل طريقاً دولياً يربط العاصمة بأربع محافظات جنوبية، ويؤدي إلى مناجم الثروات الأردنية المتركزة في أرض الجنوب، وإلى الميناء البحري الوحيد في الأردن، ويقود السياح إلى مدينة البتراء الأثرية إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، ويحمل المسافرين إلى دول الخليج براً، والحجاج والمعتمرين المتوجهين إلى الأراضي المقدسة. ليس لائقاً كل هذا الإهمال، لا تجعلونا نكره الذهاب إلى الجنوب.