كلام خطير سهير جرادات

إن ما دار تحت قبة البرلمان من مكاشفات “فاضحة” بين النواب والحكومة، الذين لم تعد تربطهما علاقة طيبة ، يعد كلاما خطيرا، حيث وجد مجلس النواب أن تصرفات الحكومة تجاه مخزون صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي تثير الشك ، بعد تلك التسريبات حول نية البنك الدولي افلاس مؤسسة الضمان الاجتماعي بتحويل الصندوق إلى شركة ، وأن هناك ” شبحا خفيا ” يستهدف أموال الصندوق ، مطالبين بإطلاق صيادي الكلاب البلدية على الفاسدين والمفسدين ، لشكهم بقدرة الحكومة على إقالة مديرة الصندوق ، بالإشارة إلى أن من يقف خلفها أكبر من الحكومة!!!

جميع ما قيل تحت القبة ، ليس كلاما خطيرا فقط ، بل “حكي في غير وقته ولا في محله” ، كونه أثار الخوف في نفوس المواطنين ، الذين أصابهم الذعر على أموالهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي واستثماراتها ، بعد تداول الاتهامات وزير العمل ، ورئيس الديوان الملكي الأسبقين ، لحادثة قديمة ولأسباب مجهولة – لم يتم الافصاح عنها لغاية الآن – لطلب الأخير” قبل سنوات ” 500 مليون من أموال مؤسسة الضمان لاستثمارها في مشاريع خاسرة في أمريكا ، على اثرها اصدر بيانا استند فيه الى آيات قرآنية تفسر الظلم بأنه ظلمات ، فيما وصفه المدعي بالبيان الهزيل ، معلنا عن امتلاكه للوثائق والأسماء والتفاصيل .

لا نعرف إن كانت مطالبة المجلس بتعديل قانون الضمان لإلزام صندوق الاستثمار بالحصول على موافقة مسبقة من مؤسسة الضمان على المشاريع الإستثمارية ، وتزویدهم بتقاریر ربع سنویة عن أعمال الصندوق، لعدم الذھاب إلى الدیوان الخاص بتفسیر القوانین، تُحصن الصندوق وتحمي أموال المواطنين من أي أطماع ، أو أن تعيين مدير للضمان من أبناء المؤسسة ،بعيدا عن الضغوطات لإرضاء مسؤولين سابقين ، والابتعاد عن الترضية كإشارة إلى تغول جهة مسيطرة على الوضع، وتنشر اذرعها في كل مكان تمتلك كامل السلطة، ضمانا لإبعاد أي تدخلات بأموال المواطنين الذين يراهنون عليها في مستقبلهم .

وبعد الصدمة الأولى ما جرى في مجلس النواب حول أموال الضمان، توالت الصدمات على المواطن لينشغل بالتفكير مرة أخرى بالمشاريع والمدخرات الوطنية ، كمشروع بيع مطار الملكة علياء الدولي ، وتغيير حصص المالكين ، بخروج مستثمرين ودخول آخرين ، دون الاعلان عن الأسماء والجنسيات ، ولا معرفة مصير المطار!!

في ظل اتساع رقعة الفقر والبطالة وعجز الميزانية ، وارتفاع المديونية وما يدور من أحداث على الساحة المحلية ، وتأثيرات ما يجري في الساحة العربية ، يجعل هذه المكاشفات البرلمانية الحكومية حول المستقبل المالي للمواطنين واستقرارهم ،(والذين أغلبهم من متقاعدي مؤسسة الضمان الاجتماعي)، تشكل أجواء مشحونة لا تحمد عقباها ، في حال شعر المواطن المضغوط بتهديد لمدخراته المالية ، مما قد يدفعه ، او هذا ما تريده الحكومة بالفعل ،” دفشه” إلى الشارع للاعتراض أو الرفض ، بعد أن اثبت المواطن على مدى سبع سنوات منذ انطلاق ما يعرف بـ ” ثورات الربيع العربي ” أن العقل منه وليس من الحكومات .

ولكن في حالات لا تستطيع ضبط المواطن، الذي بات لا يشعر بأي تحسن في ظروفه المعيشية، حيث بدأنا نشهد عمليات سطو، انحصرت أغلبها في العاصمة ، واستهدفت بنوكا ومحطات محروقات وصیدلیات ومكاتب برید ومحال تجاریة، ومحلات صرافة ، وآخرها عملية السطو المسلح السادسة على أحد البنوك منذ بداية العام الحالي … اذ القي القبض على خمسة منفذين لعمليات السطو مقابل فار وحيد .

لكن أمام كل ما يجري من أحداث صادمة للمواطنين ، يبرز التساؤل المزوج بالاستنكار: إلى أي مدى يراهنون على صمت المواطنين فيما لو – لا سمح الله – تعرضت مدخراتهم المالية في مؤسسة الضمان إلى النهب أو الخسارة؟ عندها نخشى أن يطبق المواطن التفسير الحرفي للمثل الشعبي القائل :” اللي بُوخذ قرشك ، خذْ روحه ” .