القرار الكويتي.. فرصة ذهبية لاصلاح شامل في منظومة التعليم العالي

حرير – لا يمكن لأحدنا أن ينكر تراجع مستوى التعليم العام والعالي في الأردن خلال العقد الأخير، فقد كنّا نتبوّأ مراكز متقدمة في قائمة الدول الأفضل تعليما وكانت جامعاتنا تحتل مواقع متميزة في قائمة أفضل الجامعات، لكن هذا الترتيب بدأ يتراجع بفعل بعض السياسات والأخطاء التي ارتكبت هنا وهناك..

ظلّ ذلك التراجع ضمن المسكوت عنه رسميا بالرغم من كلّ التحذيرات التي كنّا نوجهها وننشرها عبر وسائل الاعلام، بل إن الانكار كان هو الردّ الدائم على التقارير والبيانات الصحفية التي تشير إلى مواطن الخلل في منظومة التعليم.. هكذا إلى أن جاءت الهزة الكويتية التي تفاعل معها الأردنيون ووزير التعليم الدكتور وليد المعاني بشكل غير مسبوق..
التعاطي الاعلامي
ذلك التفاعل، وإن كان مطلوبا، إلا أنه تجاوز حدود المعقول والمقبول، فقد صوّرت بعض وسائل الاعلام المحلية التعليم الجامعي في الأردن وكأنه الاسوأ في العالم، لكن الوضع ليس بتلك السوداوية، فما زالت العديد من الجامعات الرسمية والخاصة أيضا تحافظ على تميّزها، وما زال خريجوها يمتلكون كفاءة للمنافسة في كلّ دول الخليج واوروبا.
المشكلة، أن وسائل الاعلام كانت تتسابق لنشر أي خبر من شأنه التشهير بالتعليم العالي الأردني وتتصيّد أي عبارة أو تصريح يضرب سمعة التعليم العالي، بالاضافة إلى “نبش” بعض الحالات الفردية وتعميمها على كلّ الجامعات!
عن القرار الكويتي..
صحيح أن قرار دولة الكويت الأخير بحصر الاعتماد في 5 جامعات أردنية بدلا من 20 جامعة يفرض التعامل معه باهتمام شديد، إلا أن هناك حديثا حول مهنيته، خاصة في ظلّ المعلومات التي تتحدث عن كون الوفد الكويتي لم يقم بزيارة كافة الجامعات المستثناة من الاعتماد!
ومما يعزز الحديث عن مهنية التقرير الذي استند إليه القرار، ما جاء في الوثيقة التي نشرها وزير التعليم العالي السابق الدكتور عادل الطويسي والتي أشارت إلى رفض وزير التعليم الكويتي عام 2017 تقريرا مماثلا بسبب “عدم مهنية التقرير واقتصار زيارات الوفد على الجامعات التي ترتبط بعلاقات ودية مع الملحق الثقافي الكويتي”.
فرصة ذهبية..
الحقيقة أن القرار الكويتي ليس نهاية العالم، فالخلل موجود نعم، ولكن امكانية تصويبه متاحة بتعديل الأنظمة والتعليمات، ولعلّ من ايجابيات ما جرى أنه يمنح الوزير المعاني فرصة ذهبية لاجراء اصلاحات في قطاع التعليم العالي تعيد له الألق السابق وتزيل أسباب تدهور سمعته، إذا ما حصل على الدعم الكافي من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز من أجل المضيّ في اصلاح مواطن الخلل في قطاع التعليم العالي.
وبالاضافة إلى ذلك، فالمطلوب أيضا فرض رقابة على أداء ومخرجات بعض الجامعات الخاصة التي ترفع شعار “ادفع قسطا تنجح فصلا”، فهي أكثر ما يسيء إلى سمعة التعليم العالي في الأردن كما أنها تسيء إلى سمعة باقي الجامعات الخاصة التي تقدّم خدمات تعليمية متميزة للغاية ويحظى طلبتها بكفاءة عالية..
احمد الحراسيس

مقالات ذات صلة