حمودة

عبدالهادي راجي المجالي

أول أمس حضرت حفل تخريج طلبة (الكي جي 2) …لمدرسة خاصة في عمان , وقد قدر لي أن أجلس خلف عائلة متحمسة جدا وتنتظربفارغ الصبر صعود (حمودة) ..مع بقية الأطفال , إلى خشبة المسرح .
تبين لي أن والدة حمودة موجودة , ولفيف من الخالات إضافة للوالد ..والخادمة , وقد حضرت مع العائلة بنت الجيران أيضا ..وللعلم فقط طلبة (الكي جي 2) ..هم بعمر (5) سنوات ..

المهم بدأت مراسم التخريج , وصعد الأطفال إلى خشبة المسرح وأنا أيضا شدني حماس العائلة وانتظرت (حمودة) …وفجأة صرخت عطوفة الوالدة قائلة : – (هيو) …كان اخر طفل يصعد المنصة , والعائلة اندفعت بالصراخ والنداء وجميعهم شغلوا كاميرات الموبايل لتصوير حمودة …

حمودة تأخر ربما لأنه , الأكثر وزنا بين أقرانه …ناهيك عن أنه صعد المسرح وبيده (كيس شيبس) , هو أصلا لايعرف ماذا يحدث ….ولكن دموع الوالدة , ودموع الأب ..ودموع (تهاني) أغرقت المكان , فجميعهم حين شاهدوه بدأوا بالبكاء ..ربما لحجم الإنجاز الذي فعله (حموده) …
انتهت الحفلة , وكل عائلة التقطت طفلها …وعائلة حمودة التقطته أيضا وبدأوا بتوزيع القبلات عليه ,والتقاط الصور معه في زي التخريج …ولكنهم نسوا ربما أن الطفل يحتاج إلى (الحمام) ..وفعلها حمودة على نفسه , لكن عطوفة الوالدة لم تتأثر لأن الخادمة كان لديها بنطالا إضافيا , فعلى ما يبدو أنها ليست المرة الأولى ..وحمودة صنائعه في هذا المجال كثيرة .

في عمر حمودة , لم يكن لدينا (كي جي 2) …كنت اذهب للمدرسة وأقف عند السور , متفرجا على الأطفال أثناء الفرصة وأسأل نفسي متى سأكون مثلهم وأدخل المدرسة ؟ ثم أعود للمنزل …وفي طريق عودتي , كنت أخوض معركة مع ديك شرس تعودت على العراك معه , وبالطبع أقوم بهزيمته ….ومن ثم مطاردته , وبعد أن يهرب ..اعود منتشيا بنصري على الديك .

البارحة , في حفل تخرج حمودة…كنت أتابع بنفس التوقيت حفل افتتاح السفارة الأمريكية في القدس , عبر هاتفي الجوال …بذات الوقت كنت أتابع حمودة أيضا ….وعائلة حمودة , وتهاني المنفعلة لأجل حمودة ….وما بين حزن وحزن …غادرت الحفل .

لكني مؤمن أنه لاخوف على القدس ..فحمودة قادم ..فقط انتظروه حتى يكمل الخامس الإبتدائي …

في عالمنا العربي , مجنون من يعتقد أن الخسارة هي القدس فقط ..الخسارة الحقيقية , هي الإنسان ….
وكلنا صرنا مجرد استنساخ عن حمودة .

مقالات ذات صلة