حين تستفز الصحافة المهنية رئيس إقليم البترا

حرير _ يبدو أن مهنية الملف الخاص الذي نشرته الراي في عدد أمس الأحد، عن حال المدينة الوردية في أقصى الجنوب، بعد اثني عشر عامًا على تتويجها من عجائب الدنيا السبع، استفزت رئيس إقليم البترا سليمان الفرجات. الحقائق التي عرضتها الرأي بدقة وموضوعية، وأحدثت ردود فعل واسعة، أقلقت الفرجات، الذي لم يتردد في اتهام الصحيفة بـ «السوداوية»، ساخرًا من حروف نبضت بهمّ المواطن ونقلت معاناته، حين قال لمندوب الصحيفة الزميل زياد الطويسي: «الله يخليلكم المواطن».

وصف أطلقه شخص ربما لا يقدر الدور الحقيقي للإعلام المهني، الذي لا هم له إلا وضع أصبعه على مواطن الألم، وكشف الثغرات لسدها، بطريقة لا تجامل أبدا على حساب مصلحة الوطن.

ولم يدرك المسؤول الأول في البترا أن خدمة المواطن التي سخر منها، رسالة شرف حملتها الرأي، وستبقى إلى جانب عزة الوطن ورفعته الهدف الأول لصحيفة تفتخر بنقل معاناة مواطن يئن تحت صرير أسنان الفقر.

ولا يريد الفرجات الرأي والرأي الآخر، الذي نثرته الرأي في ملفها الخاص، وبتصريحات على لسانه، بل كان همه أن تركز الصحيفة على ما أسماها بـ «تنمية ونهضة لم تشهدها أي منطقة أخرى»، أي إخفاء التقصير والنقص وإظهار ما يريده المسؤول.

وصف الفرجات واتهامه جاءا خلال نقاش دار بينه وبين مندوب الصحيفة في اللواء في الاحتفالية التي تقام بذكرى تتويج البترا كإحدى عجائب الدنيا السبع أمس.

وعبر رئيس السلطة عن استيائه من التقرير الذي نشرته الرأي، قائلا: إن البترا حققت تنمية ونهضة لم تشهدها أي منطقة أخرى، فيما أكد له الزميل أنه نشر ما يعبّر عن وجهة نظر المواطن، في مقابلات أخذت الرأي الآخر، إضافة إلى حوار مع رئيس السلطة ذاته.

وانسحب الزميل الطويسي من المناسبة بصمت احتجاجا على السخرية من نقل معاناة المواطنين وهمومهم، من خلال جملة «الله يخليلكم المواطن»، وخلال خروجه قال له مسؤول البترا الأول بطريقة تشي بعدم اكتراثه :الله معك.

وكانت الرأي نشرت في عددها أمس تقريرا موسعا حول مرور 12 عاما على فوز البترا بلقب ثاني عجائب الدنيا السبع الجديدة.

وتطرق التقرير لما حظيت به البترا من دعم واهتمام ومشروعات جديدة وخدمات، إلا أنها في الوقت ذاته لم تحقق التنمية المنشودة حتى الآن ويغيب عنها الاستثمار، فيما تزايدت أعداد المتعطلين عن العمل وارتفعت نسبة البطالة في اللواء ذي الطابع السياحي.

وكشف الملف خطورة قانون الاستثمار الحالي، الذي يعد طاردا لرؤوس الأموال الأجنبية والشركات، نظرا لرفضة تمليك غير الأردنيين والجهات المعنوية، أراض داخل حدود إقليم البترا.

وبين لأن آخر دراسة عن سب البطالة في البترا كانت في العام 2013، ونفذها مركز الدراسات في جامعة الحسين بن طلال.

وأشارت الدراسة إلى أن مجموع نسبة البطالة في المنطقة نحو (28.6%)، وأن نسبة البطالة في صفوف الإناث تشكل ما نسبته (43.9%) و(21.5%) بين صفوف الشباب.

وتطرق الملف على لسان المواطنين إلى وظائف القطاع السياحي غير الثابتة، نظرا لتأثرها بالموسمية وبحركة الزوار، في حين لا يوجد بدائل أو رديف للقطاع في اللواء، ما يعني اخفاق الجهات المعنية حتى الآن في إيجاد بديل تنموي، يوفر فرص عمل للشباب والإناث.

وأوضح أن الاهتمام بالبترا لا يزال منقوصا، وأن المدينة بحاجة إلى اهتمام أكبر منها، وبما يتماشى مع أهمية البترا السياحية.

وأشار إلى أن (3 رؤساء) حكومات فقط خلال (12 عاما) زاروا المدينة، في حين يتأخر أحيانا اصدار بعض القرارات المتعلقة بالبترا، كتأخر تعيين بعض المفوضين، والاستجابة للمطالب الشعبية بتعديل القوانين كالاستثمار وغيرها..

وبين أن الحكومات لم تبذل جهودا ملموسة في توجيه الاستثمار والبرامج والمشروعات التنموية نحو البترا، لتكون معززا ورديفا للسياحة فيها.

مقالات ذات صلة