الأردن وورشة المنامة.. حضور كالغياب

 

الكاتب : محمود الشرعان

حرير – لا امتناع عن الحضور ولا تمثيل كاملا، هذا هو موقف الأردن من ورشة عمل المنامة المقامة في البحرين، بعد إعلان المملكة قرارها بالمشاركة على مستوى الأمين العام لوزارة المالية فقط.

 

القرار الأردني الذي جاء في بيان على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة، حمل معه مقدمة تؤكد موقف الأردن “الواضح بأن لا طرح اقتصاديا يمكن أن يكون بديلا لحل سياسي ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق”.

 

البيان الأردني حمل معه رسائله، إذ أكد أن حضور المملكة يأتي للاستماع لما سيطرح والتعامل معه وفق المبادئ الأردنية الثابتة بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى، وأن لا بديل لحل الدولتين الذي يضمن جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمتها حقه في الحرية وإقامة دولة على ترابه الوطني وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

 

وكشفت مصادر مقربة من المطبخ السياسي في عمّان للجزيرة نت معلومات حول طبيعة المشاركة وأسبابها، وقالت إن الأردن سيستمع لما سيطرح، وبتمثيل دبلوماسي ضعيف المستوى وعبر مسؤول غير سياسي، أي أن التمثيل بالحد الأدنى ويعكس مشاركة صورية.

 

وتضيف المصادر أن تمثيل المملكة بمثابة رسالة، فالمشاركة لم تكن على مستوى دبلوماسي كالسفير الأردني في المنامة أو من ينوب عن وزارة الخارجية.

 

هدف المشاركة

وتأتي المشاركة الأردنية وسط “لاءات ملكية ثلاث”، إذ أعلن الملك الأردني عبد الله الثاني موقفه تجاه القضية الفلسطينية، فلا للتوطين أو الوطن البديل أو التخلي عن القدس، ولا حل لأية تسوية للقضية، باستثناء حل الدولتين.

 

وتؤكد المصادر أن مشاركة المملكة في الورشة لا يتعارض مع موقفه، لأن الأردن يفضل دائما حضور جميع الاجتماعات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، دون أي التزام مسبق بمخرجاتها.

 

ووصلت دعوات حضور ورشة العمل الاقتصادية التي دعت إليها الولايات المتحدة الأميركية والبحرين، وزير المالية الأردني عز الدين كناكرية ومحافظ البنك المركزي في الأردن زياد فريز، إلا أن المملكة قررت إرسال الأمين العام لوزارة المالية عبد الحكيم الشبلي، وفقا للمصادر ذاتها.

تمثيل منخفض

ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان أن مستوى التمثيل منخفض وبمثابة الغياب، وأن سياسة الأردن الاشتباك المستمر مع كل المحاولات لحل الصراع العربي الإسرائيلي.

 

ويشير الخيطان، خلال حديثه مع الجزيرة نت، إلى أن المملكة ستشارك، بيد أنها غير ملتزمة بمخرجات الورشة إذا لم تتوافق مع شروط الحل العادل للقضية الفلسطينية، وهي جزء من مقاربات الأردن التقليدية التي تضمن التمسك بالثوابت، وفي الوقت نفسه استمرار العلاقة مع الحلفاء.

 

وكان ملك الأردن عبد الله الثاني أكد لمستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر ضرورة تكثيف جميع الجهود لتحقيق السلام الشامل والدائم على أساس حل الدولتين، الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

 

جاء ذلك خلال زيارة كوشنر للأردن التي شملت محطات عدة في الشرق الأوسط أواخر مايو/أيار الماضي، لحشد التأييد لخطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا “بصفقة القرن”.

 

وتتحدث المصادر المقربة من المطبخ السياسي عن غضب رسمي من إعلان مسؤول في البيت الأبيض، في 11 من الشهر الحالي أن “مصر والأردن والمغرب أبلغتنا بأنها ستحضر ورشة المنامة الاقتصادية”، المسماة “السلام من أجل الازدهار”.

 

وتابعت أن “الجدل بين عمّان وواشنطن كان حول مستوى التمثيل، إذ كانت تضغط الإدارة الأميركية من أجل رفع مستوى التمثيل”.

سياسة ورفض

من جهته، يرى رئيس الديوان الملكي الأردني السابق جواد العناني أن الاشتباك الإيجابي جزء من سياسة الأردن، ولا تستطيع المملكة أن تضع نفسها في مواقف توصل للخيار الصفر.

 

ويقول العناني للجزيرة نت إن المشاركة الأردنية لا تعني الموافقة على الإطلاق بكل ما يأتي من الورشة، فهإذ أنها نتيجة للضغوط، ويدلل بحديثه أن تصريح الولايات المتحدة الأميركية سبق الأردن بإعلان حضور عمان والقاهرة ومراكش.

 

وعلى وقع رفض شعبي وحزبي أردني من المشاركة في الورشة، يأتي تأكيد الحضور، إذ شهدت العاصمة الأردنية عمّان مسيرات واعتصامات رافضة للمشاركة في ورشة البحرين وصفقة القرن، كان آخرها مسيرتين الجمعة الماضية، إحداهما للأحزاب اليسارية والقومية أمام السفارة الأميركية، والثانية للحركة الإسلامية.

وسارع حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لإعلان موقفه الرافض لمشاركة الحكومة.

 

وطالب الحزب الحكومة بالتراجع عن قرارها، والانحياز للموقف الشعبي الرافض لصفقة القرن وكل ما ينبثق عنها من خطوات، مشيرا إلى ما يمثله مؤتمر البحرين من كونه الشق الاقتصادي لتنفيذ الصفقة التي تشكل مؤامرة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية وتهدد أمن الأردن واستقراره وهويته السياسية، وفقا لبيان صدر عقب الإعلان الرسمي بساعات.

 

رسالة الأردن

ويوضح الكاتب والمحلل السياسي عمر العياصرة أن الأردن الرسمي يفرق بين رفضه لصفقة القرن، وبين الاشتراطات القاسية المتعلقة بالتنازل عن الحقوق الفلسطينية وبين المشاركة في موضوع البحرين، وهو موضوع لا يقنع الجماهير أو الرأي العام الأردني، على اعتبار أن ورشة البحرين هي عملية التسليع الحقيقي لفلسطين.

 

ويشير العياصرة إلى أن تداعيات المشاركة في الورشة ستقوم بعمل تصدع للاءات الثلاث التي أطلقها الملك الأردني، لذلك على الدولة أن تفسر للناس لماذا ذهبت، وأن تضع خطة لترميم اللاءات الثلاث، وأن تخرج القوى السياسية من دائرة اللطم إلى مرحلة إنتاج موقف رسمي يرفض صفقة القرن والتنازلات.

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة