حرمان النواب من ممارسة مهنهم يحصر الترشح للنيابة بأصحاب الأموال

حرير _ ما زالت أروقة الحكومة والنواب تتداول سيناريوهات وتوقعات تتحدث عن التوجه لعقد دورة استثنائية الشهر المقبل تحمل على جدولها عددا من القوانين المحالة من الحكومة، منها قد يتعلق بالغاء اتفاقيات وتعديلات على قوانين كقانون العمل والضمان الاجتماعي، وإقرار قوانين من إدارة محلية واقتصاد رقمي.

كما تناولت السيناريوهات ادراج تعديلات دستورية لكن لم تحدد شكلها وحجمها حتى اللحظة وفقا لحديث الأروقة النيابية والحكومية.

ومن التعديلات المتداولة على الدستور تعديل يحرم النواب من العمل بمهنهم خلال فترة نيابتهم، أي منع النواب من ممارسة عملهم كاساتذة جامعات وأطباء أو محامين أو مهندسين أو محاسبين وغيرها من المهن خلال النيابة.

ووفقا لنصوص الدستور المعمول بها حاليا فإنه يسمح للنائب صاحب المهنة أن يعمل بمهنته بما لا يتعارض مع نصوص الدستور.

ويأتي الحديث عن حرمان النواب اصحاب المهن من مزاولة مهنتهم خلال فترة نيابتهم، علما بأن الفقرة الثانية من المادة 75 من الدستور نصت على منع اعضاء مجلس الاعيان والنواب من التعاقد مع الحكومة ومؤسساتها تجنبا لتضارب المصالح ونصها: «يمتنع على كل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء مدة عضويته التعاقد مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية العامة أو الشركات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة أو أي مؤسسة رسمية عامة سواء كان هذا التعاقد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باستثناء ما كان من عقود استئجار الأراضي والأملاك ومن كان مساهماً في شركة أعضاؤها أكثر من عشرة أشخاص».

وفي حال اقر حرمان النواب من مزاولة مهنتهم فإن دخلهم الوحيد ينحصر بالمكافأة المالية التي يتقاضاها النائب خلال فترة نيابته والتي لا تتجاوز للأغلبية منهم عن مبلغ 3500 دينار شهريا. وبرأي متابعين للشأن النيابي، فإنهم لا يؤيدون منع النائب من العمل في مهنته طوال فترة نيابته، لأن النائب بحاجة لأموال ومصاريف تفوق كثيرا ما يحصل عليه من مكافأة مالية، وهذا يضع النائب تحت ضغط مالي ويمنعه من القيام بواجبات اجتماعية وانسانية مختلفة. كما يعتقد متابعون للشأن النيابي أن تعديلا دستوريا بهذه الصيغة يحرم النواب من العمل بمهنهم وعدم منحهم رواتب تقاعدية بعد العمل النيابي سيؤدي إلى عزوف مخيف عن الترشح لمجلس النواب في المجالس النيابية المقبلة من هذه النخب والخبرات وحصر النيابة برجال الاعمال واصحاب الأموال وهذا ليس بالأمر الصحي.

وكان نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر قد اقترح في احدى جلسات مجلس النواب خلال اواخر عمر الدورة العادية الماضية لمجلس الأمة، بتوجيه سؤال للمحكمة الدستورية لتفسير نص المادتين 44 و75 من الدستور ردا على سؤال للنائب وفاء بني مصطفى في احدى الجلسات الرقابية بعد أن اثارت مساهمة وزير الصناعة والتجارة في احدى الشركات.

ونصت المادة 44 من الدستور على: «لا يجوز للوزير ان يشتري او يستاجر شيئاً من املاك الحكومة ولو كان ذلك في المزاد العلني كما لا يجوز له اثناء وزارته ان يكون عضواً في مجلس ادارة شركة ما، او ان يشترك في اي عمل تجاري او مالي او ان يتقاضى راتباً من اية شركة».

واثبتت التجربة بعد حرمان أعضاء مجلس النواب من الرواتب التقاعدية بناء على القرار التفسيري رقم (2/2014) للمحكمة الدستورية عدم استحقاق اعضاء مجلس الامة للرواتب التقاعدية، حصر العمل النيابي بالمقتدرين ماليا فقط. فكيف لو حرم النواب اصحاب المهن من ممارسة مهنهم خلال عملهم النيابي، فكيف سيكون الواقع المالي للنواب بداية وما طبيعة النواب في حال فعلا بات السيناريو أمرا واقعيا؟

مقالات ذات صلة