ترامب وفقدان البوصلة الأمريكية

فضل يانس

 

إن التساؤل الذي يثار هنا يتعلق بحدود الدعم والمساندة لإسرائيل من قبل ترامب قد يؤدي لاضطراب الأوضاع في المنطقة، بما يهدد المصالح الأميركية، مثل هذا المناخ لا شك أنه سيضع السياسة الأمريكية في موضع انحراف بوصلتها إما مواصلة سياسة دعم إسرائيل حتى وإن ترتب على ذلك اضطراب الأوضاع الإقليمية أو ممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لمواصلة العملية السلمية ولو على المستوى الشكلي وبطبيعة الحال وفي ضوء الخبرة التاريخية يبدو أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقبل البديل وقد تأكد أن الإدارة الأمريكية لا تسمح لحسابات تتعلق بمصالحها أن يصل التوتر في المنطقة إلى حد يهدد المصالح الحيوية لها وبالتالي فإن البديل الآخر سيكون هو المقبول موضوعياً ولكن حتى في إطار هذا البديل هناك خيارات متعددة أمام السياسة الأمريكية إذا انضبطت بوصلتها ولم تنحرف.

إن ترامب أبدى بما لا يدع مجالاً للشك أنه شديد التأييد لإسرائيل ومن ثم ربما يعطيه ذلك بعضاً من حرية الحركة خاصة إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود يستطيع معه أن يقول أنه يضغط على إسرائيل لصالح إسرائيل وليس لصالح العرب حيث يؤكد ترامب ما يقوله للإسرائيليين في السر لا بد أن يختلف عما يقوله لهم في العلن، ولذلك لا ينبغي أن نتوقع حدوث خلاف علني بين إسرائيل والإدارة الأمريكية إدارة ترامب، ولكن في نفس الوقت لا يعني أنه لا بد أن يصب في المصالح العربية، لأن هذا الضغط على إسرائيل حتى ولو كان في السر سيكون مرتبطاً بضغط آخرعلى الجانب العربي، وبالتالي إن لم يكن هناك وعي عربي بذلك فستكون العواقب وخيمة على المصالح العربية.
إن بداية الانحراف للبوصلة الأمريكية في المنطقة هو تمرير ترامب قانون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبار الأردن الوطن البديل للفلسطينين، لذلك أود أن أطرح سؤالاً آخر وهو متى تستطيع الولايات المتحدة أن تحقق سياسة عادلة تجاه المشكلة الفلسطينية دون أخذ اليهود في الاعتبار؟
فقد رفضت معظم الحكومات الأمريكية المتتالية أن تعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل إلى أن جاء ترامب وانحرفت البوصلة الأمريكية نتيجة مجرد موقف شخصي من ترامب، وهناك انفصال واضح بين موقفهم الشخصي وسياسة الدولة، فقد كانت وزارة الخارجية الأمريكية أول من تعارض الأهداف الصهيونية.
ويمكننا الاستدلال أن ذكاء اليهود يكمن في اعتمادهم على فقط ضعف الأشخاص وليس على مقدرتهم في اتخاذ السبيل الشرعي للوصول لأهدافهم وهذا انحراف في البوصلة الأمريكية لترامب وهي سياسة الرئيس الأمريكي تجاه الصهيونية والتقسيم الفلسطيني واللاجئين والحدود والقدس والمستوطنات، ويتكرر السؤال متى تستطيع الولايات المتحدة في ظل انحراف بوصلة ترامب أن تحقق سياسة عادلة تجاه المشكلة الفلسطينية دون أخذ اليهود في الاعتبار؟ لا جواب.

مقالات ذات صلة