الخضوع لوسائل التواصل الإجتماعي.. مخاطر إجتماعية وسياسية وإقتصادية

كتب حاتم الكسواني

صدفة تجمع الأحفاد في صالة المنزل حتى صغيرهم الذي اكمل عامه الأول بالأمس ،  وكل واحد منهم منشغل بجهاز الآيباد او الهاتف الخاص به، ولعمري ان هذا اول علامات الخطر البنيوي على مجتمعنا.

فأي تربية يتلقى أبناؤنا من هذه الوسائل التي تخطط لهدم قيمنا وسلوكنا وثوابتنا الوطنية.

إن هذه الوسائل تقوم بوظيفة القوى المعادية لديننا وأعرافنا في تحقيق أهدافها الشيطانية  بفصل اجيالنا عن دينها ومعتقداتها ولغتها وتاريخها وإعتزازها الوطني بكل صور المجد الذي بنته الأمة عبر أجيالها المتوالية ، ناهيك عن ما تقوم به  من  زرع بذور الفتنة بين  طوائف الأمة وفئاتها وشيعها وجماعاتها  بما تصنعه من حالة الإستعداء والتوتر  بينها .

انهم يستهدفون أجيالنا من يومها الأول فاغنيات طفولتهم ليست عربية.

وفتياتنا وشبابنا خاضعون لسيطرة فيسبوك وإنستغرام لدرجة انهم يبحثون عن اي تفاهة لهم  ينشرون صورها لتكريس حضورهم، بل ان كثيرا من فتياتنا وشبابنا  يبحثون عن مناسبات ينشرون صورها اليوم حتى لو كان ثمنها باهظا في الغد.

فمثلا خطوبة مهزوزة غير مكتملة عناصر الأمان القيمي والإجتماعي يستعرضون بها اليوم  وينشرون  صورها  اهم بمنطقهم  من التدقيق بجدواها ومناسبتها ليكون مصير معظمها الفشل الذريع والمشاكل المتراكمة وضنك العيش المستقبلي.. فهم يعيشون يومهم ولا يخططون لغدهم .

وتنوء مجتمعاتنا تحت وطأة التضليل الإعلامي بتلقي سيل من الأخبار التي لا ينتجونها و لا يعرفون مصدرها او يتأكدون من دقة معلوماتها  وبالتالي تضيع بوصلتنا السياسية بين المواقف الوطنية الحقيقية التي يجب ان نتخذها وتحتاجها منعة أمتنا وبين الإصطفافات الخادعة  التي نجر إليها جرا كالأنعام.

وأسوء ما تكسبنا إياه وسائل التواصل الإجتماعي  سلوكياتنا الإستهلاكية التي تتمثل بما نشتريه من سلع لا نحتاج معظمها عن طريق البيع الألكتروني الذي يسوق إلينا سلعا بجودة متدنية جدا  وعمر إنتاجي قصير و  تضر بحركة الأسواق المحلية التي نعرض فيها منتجاتنا الصناعية الوطنية  ومستورداتنا ذات الجودة والعمر الإنتاجي الطويل  نتيجة خضوعها لشروط  المؤسسات الإشرافية الوطنية ورقابتها  .

إنه سيل من الأفلام  والفيديوهات التي تتعلق بها الأجيال وتحاكيها وتقلدها رقصا وغناءً وإستهبالا امام الكاميرات وتشويها لبراءة الطفولة و الإحسان للشيخوخة وإحترامها لا الإستخفاف بها وجعلها مادة للتندر.

وما  إستسهال  القتل الذي يسود في مجتمعاتنا القيمية  المحافظة  لاعز الناس كالآباء والأمهات والأشقاء إلا تقليداً أعمى لأبطال القتلة الذين تعلقوا بهم من خلال متابعتهم لوسائل التواصل الاجتماعي .

وعندما يقدم القتل كفعل بطولي ليس له أي تبعات ويمر دون أي  عقاب فمن الطبيعي ان يقوم غير المدركين المسيطر على عقولهم بهذا الفعل الجنوني .

وبالمحصلة فأننا نخسر أكثر وأكثر كلما تأخرت الدولة ومؤسسات التربية والتوجيه الوطني عن التدخل للحد من مضار سيطرة وسائل التواصل الإجتماعي ولو بقرارات قاسية تحد من فداحة تأثيراتها السلبية على مجتمعاتنا.

 

 

 

مقالات ذات صلة