يرغبون فقط بمغادرة المزرعة.. ماهر عريف

يحزمون حقائب السفر، ما عادوا يريدون العنب ولا “مقاتلة” الناطور، إنهم يرغبون فقط بمغادرة “المزرعة”!
يحزمون حقائب السفر، ما عادت وعود رئيس الحكومة الأخيرة بفتح ملف الفن تعنيهم، على الأغلب ما عادوا يصدقّون الوعود، لم تظهر ولا علامة على إمكانية تحقيقها، كما غيرها من تعهدات كثيرة سابقة ذهبت أدراج الرياح.
مات ياسر المصري رحمه الله، مات الاسم الأول الذي كان يروّج الدراما الأردنية عربياً، مات من يجده البعض حلماً “روحانياً” كان يمكن أن يفتح باباً صغيراً؛ فانكشف المشهد كلّه.
إياد نصّار “طَفشَ” منذ سنوات، أحرق تقريباً المراكب خلفه، قالها علناً في لقاء تلفزيوني.
منذر رياحنة يتعلّق باَحبال عدّة خارج الأردن، علَّ أحدها ينتشله.
صبا مبارك تحاول تجربة الإنتاج، والبقاء على صعيد الصف الأول تمثيلاً خارج الأردن، تُفلح أحياناً، لا تستطيع أحايين.
ركين سعد تشق طريقاً تدرك صعوبته بين “نجوم” مصر، لكنه ليس مُغلقاً على الأقل كما في الداخل، قد تصل هتاك، لكنها إذا بقيت هنا لن تصل.
زهير النوباني يحقق حضوراً لافتاً في الدراما الأردنية، حفرَ اسمه بمشقّة، يعرفه الجميع تقريباً في مطارات عربية، يحصد أضواء واسعة حين يتواجد في دولة خليجية، يُسهم في إيصال الفن الأردني، لكن الفن الأردني نفسه لا يستطيع الوصول لأن “الماكينات” شبه معطّلة، ربما يندم اليوم بسبب عدم تشبثه بُفرص كانت تبقيه في القاهرة.
نادرة عمران تبتعد عن “الحالة” شبه “المتضعضعة”، تختار مُشاركة في عمل عربي تحفظ مكانتها، تشارك في لجان فنية وتحكيمية وندوات، لا شيء في الفن الأردني تقريباً يُقدّرها.
الرباعي أحمد العمري ومحمد الإبراهيمي وأشرف طلفاح وخالد الغويري، عانى كثيراً. هذا الرباعي الأهم فنياً في جيلٍ وجدَ نفسه يتجرّع سوء إرتداد الوضع الفني سواء لأسباب “المقاطعة السياسية” أو لرضوخ الدراما لعهدةِ “تجّار القِطعة”، أحدهم ابتعد منذ سنوات، وثانٍ لا يخفي ندمه على استمراره في “التمثيل”، وهناك من قرر حزم الحقائب مع المغادرين الجُدد.
رشيد ملحس، يضع قدماً في الفن، يترك الأخرى في الإعلام المرئي، لأنه على يقين تماماً بأن الفن على أرض غير ثابتة.
جميل براهمة بدأ من الصفر تقريباً عندما عادَ بعد ابتعاد طويل، يذهب إلى تجربة في مصر، يعتقد أنها “الخلاص”، يرجع ويواصل الاصطدام بجدران تحاول تحطيم الفن.
حمد نجم يُحاول بين التمثيل وخوض تجارب في الإخراج، يُفلح مرّة، لا تُسعفه كل المقومات المحيطة والمحبطة مرّات، يطرح نفسه عرّيفَ احتفالات، بذهب إلى محاولة “صغيرة” على “يوتيوب” مع رفيقيّ الحلم (الإبراهيمي والمخرج محمد علوان)، ثم يقرر الانضمام إلى الراغبين في ترك “المزرعة”.
نادية عودة تتزوج وتعيش في واشنطن منذ نحو 7 سنوات، تريد العودة للتمثيل، لكنها تُدرك أن الفرص التي يمكنها أن تُضيف، نحو التقلّص.
لارا الصفدي “شبه معتزلة”، تطل على فترات متباعدة في عمل يخيب أملها، وأمل الدراما غالباً، تعود للغياب الطويل.
أريج دبابنة تقطع مسافات طويلة، تظن أنها تسعفها، تأخذ استراحة قصيرة للتأمّل، تُدرك أن “الحراك في مكانه” لا يجدي.
عبير عيسى، محمد العبادي، نبيل المشيني، جولييت عواد، جميل عواد، حابس حسين، سهير فهد، شاكر جابر، علاء الجمل، يوسف الجمل، أنور خليل، هيفاء الآغا، روحي الصفدي، ساري الأسعد، وسام البريحي.. الأسماء تطول، تنسحب على الأجيال المختلفة، كلّها تقريباً تُخبرك أن الفن ظلّ يعاني على مرأى المسؤولين، كل المسؤولين تقريباً، دون حراك.
الأسماء تطول، بعضها ما عاد يتأوّه من شدّة الألم، تعايشَ مع الألم، ألم المرض، وألم “موت” أطراف الفن.
أسماء فنية مهمّة، دون فن، دون استراتيجية صادقة، قابلة للنهوض بالفن، يشارك فيها القطاع العام “شبه المتفرّج”، والقطاع الخاص “المتربّح أو المغلق أبوابه”، والجهات المعنية، دون تفعيل دور الفن اقتصادياً وسياحياً واجتماعياً وضد التطرف.
أسماء كانت تطول، بعضها يرحل بصمتٍ أو على صيتٍ واسع، بعضها يُغادر، بعضها يأوي إلى موتٍ بطيء، بعضها يريد الهرب، ولا مهرب، بعضها مازال يُحاول، ويُحاول، ويُحاول، وبعضها يحزم حقائب السفر، ما عادَ ينتظر العنب ولا يريد “مقاتلة” الناطور.

مقالات ذات صلة