
عمارنة: الاحتلال الإسرائيلي يلهث وراء اقتلاع عيون الصحفيين الفلسطينيين لقتل الحقيقة
حرير _ قال المصور الصحفي الفلسطيني معاذ عمارنة، إن الاحتلال الإسرائيلي يدرك أهمية الصورة في توثيق جرائمه ضد الفلسطينيين، لذا، فإنه يلهث وراءهم لاقتلاع أعينهم، حتى يقتل الحقيقة.
وتحدث عمارنة في هذا السياق، عن حادثة فقدانه عينه اليسرى برصاص قوات الاحتلال، خلال قمعهم للمعتصمين الفلسطينيين قبل صلاة يوم الجمعة الخامس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي في بلدة صوريف.
وبين في حديث لـ”الغد” أن الاعتداء على المصلين تسبب بخلق فوضى بينهم، في وقت كان الصحفيون والمصورون يتحركون خلفهم، مؤكدا أن جنود الاحتلال، قمعوا الصحفيين بقسوة، وكانوا يبيتون فعلا سيئا تجاههم.
وقال “كنت في الصف الخلفي الأخير مع زملائي الذين حاولوا عبور طريق يؤدي إلى خارج البلدة، ليستقلوا سياراتهم ويغادروا موقع الاعتصام”، بعد أن غطوا اعتصام أهالي صوريف بمحافظة الخليل، المناهض لتهديدات قوات الاحتلال بمصادرة أراضيهم واقتلاع أشجارهم.
وأوضح، أن ضابطا في قوات الاحتلال توجه نحوه، لينتزع منه مفاتيح سيارته، لكنه رفض ذلك، وتجادل مع الضابط، الذي أراد جعله درعا بشريا بينه وبين المعتصمين، رافضا زجه بهذه المواجهة.
وأكد عمارنة، أنه لاحظ وجود قناص من قوات الاحتلال، أشار بيده للضابط ليسمح له بالعبور، كما ألقى القناص كلاما، أضحك بعض الجنود، مبينا ان ذلك جعله يشعر بأن شيئا خطرا يريد المحتلون تنفيذه.
وأضاف أنه حذر زملاءه الصحفيين والمصورين وعددهم 7 من أن الجنود يبيتون أمرا، وعليهم عدم الاقتراب منهم لأي سبب، ثم استعد وارتدى لباس الصحفيين والخوذة الخاصة، وتأهب خلف ساتر ترابي لتصوير وتوثيق الحدث.
وبين عمارنة، أن المواجهات بين الأهالي والمحتلين استمرت 15 دقيقة، دون اطلاق أي رصاصة، وفي خضم ذلك، كان هو يلتقط صورا للاعتصام، ويعود لتجهيز كاميرته والعمل من خلف الساتر الترابي.
وأكد عمارنة، أنه حين أطل من خلف الساتر، جرى اقتناصه بسلاح “روجر” المحرم استخدامه دوليا، فهو من الأسلحة القاتلة، ورصاصته إذا أصابت طرفا، تؤدي لبتره فورا.
ولفت إلى أنه عند إصابته بعينه اليسرى، أحس بأن ظلاما دامسا سيطر على بصره، وأنه سيموت حينها، مبينا أن الإسرائيليين كانوا يتربصون بالصحفيين جميعا.
وقال عمارنة “جرت العادة عند استهداف جيش الاحتلال لشخص ما، أن يتوجه الجنود لاعتقاله أو لاستكشاف نوع إصابته”، لافتا إلى أن جنديا حضر وبيده كاميرا وبدأ بتصوير إصابته، وقرب الكاميرا من رأسه لالتقاط صور عالية الوضوح.
وقال الجندي لزملائه بعدها وبصوت عال، إن معاذ ليس صحفيا بل ينتحل صفة مصور صحفي، وإصابته سببها حجر، ألقاه أحد المعتصمين، مشددا على أن الاسرائيليين يروون مثل هذه الأكاذيب عند استهداف أي صحفي. ووفق أرقام لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد سجلت 606 حالات اعتداء بحق صحفيين فلسطينيين منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) من العام ذاته.
وأوضح عمارنة أنه نقل لمستشفى بالضفة الغربية بعد إصابته، ومن ثم لمستشفى “هداسا” بالقدس للعلاج، واستئصلت عينه اليسرى، وأبقي على الرصاصة (طولها 1.5 سم) في رأسه، لخطورة إخراجها من مكانها، لانها تلامس جدار الدماغ وقريبة من أعصاب الرأس، كما زرعت له عين اصطناعية مكان المستأصلة.
ووجه معاذ الشكر لجلالة الملك عبدالله الثاني على توجيهاته للحكومة، باستضافتي في مستشفيات المملكة ومتابعة علاجي، وهو دعم يمنح الصحفيين الفلسطينيين القوة والثبات والإصرار على نقل حقيقة ما يجري في فلسطين من انتهاكات تنفذها قوات الاحتلال بحق المواطنين العزل”.
واعتبر عمارنة، أن دعم كل من جلالة الملك والرئيس الفلسطيني محمود عباس، منح الأمل للصحفيين، بأنهم ليسوا وحدهم في الميدان، مشددا على أن الرسالة التي أراد الصهاينة، إيصالها للعالم، بأنهم لا يأبهون بطمس الصورة والحقيقة، فالصورة تعادل حياة المصور، بخاصة وأن الصحفيين والمصورين يعملون بأعينهم، ومستعدون لإصابتهم بالعمى لوقف نقل الحقيقة للعالم.
وأكد أن كل من دعمه من نقابتي الصحفيين الفلسطينيين والأردنيين والاتحاد الدولي للصحفيين، هم في مرتبة مقدرة بالنسبة له ولزملائه، مشيرا إلى أنه في الأردن حاليا بمكرمة ملكية، لاستكمال الفحوصات الطبية لعينه المصابة.
ينحدر عمارنة من قرية رأس أبو عمار (جنوب غرب القدس)، يقيم بمخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم، ويعمل مصورا متعاونا مع مؤسسات إعلامية في الضفة الغربية.



