محارم معطّرة

أحمد حسن الزعبي

قبل أيام أوقفت سيارتي أمام أحد المحلات المختصّة بفوط الأطفال والمحارم الورقية،للوهلة الأولى المحل يشي بأن صاحبه على حافة الإفلاس فالمكان شبه فارغ،والغبار يعلو البضاعة،والرتابة قاتلة، تجوّلت في المحل قليلاً ثم تناولت عبوتين من المحارم المعطّرة برائحة الياسمين..قلت للبائع: فيش عندك غير ياسمين؟ ردّ علي ببرود: فيه…شو بدك الريحة؟..قلت له: فانيلا مثلاً..!..أمسك قلم الحبر الذي خلف أذنه وشطب كلمة ياسمين وكتب مكانها فانيلا.. سألني: والثاني؟ قلت له: بما أنك كاتب وكاتب..حط “شانيل بلو”!..شطب كلمة ياسمين وحط “شانيل بلو”..قال: وهيك صار عندك واحد “فانيلا”…وواحد شانيل بلو..بجرة قلم…سألته بجنون يوازي جنونه..طيب والريحة؟…قال وهو يضع العبوتين في الكيس..خلص يزمّ تخيّلها..

كنت أعتقد أن هذا البائع المفلس يحاول أن يتغلب على ملله وقلة حيلته بهذه الدعابة السريعة ، لأكتشف ان رئيس الحكومة بتعديله “الوزريّ” وليس الوزاري الأخير لا يفرق كثيراً عن تصرّف هذا الرجل..هو قام بتغيير أسماء هذه الوزارات وتسميتها بأسماء جديدة حسب طلب الزبون..لكنه لم يغيّر ما بداخلها وعلى المتابع والمراجع والمواطن أن يتخيّل الخدمة وليس شرطاً أن يجدها أو يلمسها..
كنت أخذت على نفسي عهداً منذ أسابيع أن “اكبّر دماغي” وألا أعير كل ما يجري حولي أي اهتمام لأنه مضيعة للوقت وقرف وسمّة للبدن..وأن التفت إلى ترباية “الكعاكل” واستخدامها في نصب الفخ للدويريات ،ومتابعة برامج وثائقية عن تزاوج الحراذين ،الا أن وجع وطنك يخزك في صدرك وخزاً مؤلماً ويقول لك تحدّث…
لم نرَ الدول الناهضة كلها تقوم ما نقوم به من “لعب عيال” بتغيير أسماء الوزارات تارة واستحداثها تارة أخرى ثم القيام بإلغائها بعد أسابيع ، دمج ثم فصل ،وفصل ثم دمج، والأداء الإداري في تراجع،والخدمة من سيء إلى أسوأ والتخبط حدّث ولا حرج…لا أعرف من الذي يوهم هذا الرجل- رئيس الحكومة- أن يقوم بهذه الفنتازيات في هذا الوقت الحرج الذي نمر به دون وجود رؤيا أو خطة عمل أو مبرر لما يقوم به..ما يقوم به تماماً مثل قيام صبية بإجراء عملية “بوتكس” أثناء احتضار الوالد!!..حتى تظهر في العزاء وأمام الناس بخدود وشفايف منفوخات..
انتِ بيش واحنا بيش..

الله ينتقم منه اللي علّقك بأفلام الكرتون بس

مقالات ذات صلة