“جلطة” بحاجة إلى علاج

حرير – سقوط “وطن على وتر” في إشكالية التسخيف والابتذال ليس جديداً، وما يُقدَّم تحت مسمى “بس بياخة”، وأعمال شبابية أخرى ضمن “ساعة كوميديا” و”كمشة كوميديا”؛ لم يخرج كالمعتاد عن السطحية والتهريج، لكن ذهاب أسماء معروفة، لها مشوارها الطويل، ومكانتها الفنية؛ إلى تجارب أقل ما توصف بالمتواضعة؛ بحاجة إلى وقفة.

سواء إلتزم فربق تنفيذ “جلطة 2” بما جاء في النص، أم أعادَ ممثلون مع المخرج “تركيب” الحوارات فإن الحصيلة “مفككة” موضوعياً، واللهجات “مشتتة”.
لا ينتمي العمل إلى كوميديا “الكاركتر”، ولا كوميديا الموقف والارتجال “على أصولها”، ولا كوميديا طرح القضايا الاجتماعية “في قالب يرتقي بالفكر والوعي دون استغفال ذكاء المشاهدين على تفاوت طبقاتهم”.
العمل يتمحور حول يوميات أسرة مكونة من 6 أفراد، زوجان؛ وابن عاطل عن العمل، ثان في الجامعة، وثالث في المدرسة، وابنة.
الحوارات إجمالاً لا تقدم تصاعداً إضافياً للحدث وغير متماسكة، مضامينها تستخف بعقل المتلقي أحياناً، وهناك “أفيهات” من “مستودعات الكوميديا” المعتادة و”المحروقة”، تم زجها في كل حلقة.
أب متقاعد يُفترض أنه مثقف وعلى إطلاع، يقرأ الصحف يومياً على الأقل منذ عشرين عاماً، يظهر في مشهد غريب وهو يستفسر كأنه لا يفقه شيئاً عن معنى “مجلس الطلاب” وإن كان هذا المجلس يختلف عن الذي في منطقة العبدلي (يقصد مجلس النواب)!
أُم يُفترض أنها “فلاحة” تتحدث بلهجة مُغرقة في بيئة مؤطرة، هي “مُتمدّنة” شكلاً، تعيش مع الأسرة في شقة تتوسط. طريقة أداء اللهجة مبالغ فيها، مفتعلة، وتحاول أحياناً “استجرار الضحك”. يسأل الابن الأكبر: “ممكن يدعمني أبوي عشان أفتح مشروع؟” كأنه يُمهد “للأفّيه”، لترّد الأم وهي تضحك سلفاً: “ممكن يدعمك بتريلا”!!..
إن تكرار ما يقوله عموم الناس من “أفيهات” مستهلكة، ونقله على الشاشة ل”سد الفراغ” لا يمكنه إحداث “دَهشة” لدى المُشاهد، أما الارتجال عموماً “فن” يتشرّبه “الكوميديان” ويؤدّيه بما يستجد مع كل عمل؛ استناداً على “الوَرق”.
مستوى الإخراج أفضل من الجزء الأول، “كادرات” تجمع بين حركة مبررة درامياً للكاميرا؛ وجمالية الصورة، لكن ذلك لم يُسعف تحقيق نقلة نوعية؛ للتجربة.
لاشك أن فريق العمل كان يأمل تفادي سلبيات الجزء الأول، تغيير المخرج (مُنتح الجزء الثاني)، وتغيير بعض الممثلين، ومشاركة أسماء جديدة، لا يكفي لمعالجة افتقاد “الكوميديا” التي تحترم ذكاء المتابع ولا تستغفله. المشكلة في عدم وجود “كوميديا” جديدة، وسطحية الطرح؛ حد السذاجة أحياناً، وطريقة الأداء.
بعيداً عن الرصد الإعلامي وملاحظات متخصصين، مثلما هناك آراء عامة تمدح العمل، ثمّة أخرى تطرح مآخذ وتحفظات وتُحدد بدقة أوجه الخلل في الشكل والمضمون، يمكن التوقف عندها؛ حال التفكير في جزء جديد.
لا يمكن إغفال الجهود التي حاولت؛ ولا إبخاسها ما بَذلت، لكن النتيجة بحاجة إلى مراجعة، ومعالجة.

بقلم ماهر عرّيف

مقالات ذات صلة