لماذا الملك متفائل؟

 

مكرم أحمد الطراونة

أحسن الزميل فايق حجازين عندما استهل مقدمته لمقابلة جلالة الملك مع وكالة الأنباء الأردنية “بترا” بالتأكيد على أن “حديث الملك يأتي بنظرة تفاؤلية واقعية”، رادا ذلك إلى “إيمان الملك العميق بعزيمة الأردنيين والأردنيات، ووعيهم وقدرتهم على تجاوز الصعوبات وتحويل التحديات إلى فرص”.
الملك أشار في المقابلة إلى أنه كله ثقة وتفاؤل وأمل بأن تكون مئوية الدولة الثانية تأتي لتحقيق التعزيز والتطوير والإنجاز. لكن الملك يدرك تماما أن ثلاثية الثقة والتفاؤل والأمل لن تتحقق على أرض الواقع إن لم يصاحبها إرادة وعمل بجد وجهد، وهذا دور جميع الجهات في المملكة، من حكومة ومؤسسات ومجتمع مدني، وأيضا مواطنين.
اليوم ندخل المئوية الثانية من عمر الدولة، مصطحبين معنا أساسا متينا عنوانه مجتمع متحضر، مدرك لطبيعة التحديات التي تواجه الأردن، وشعب منغمس بالتطورات المتسارعة التي يشهدها العالم وضرورة التعامل معها ومواكبتها. هناك قواعد عديدة ننطلق عبرها، لكنها قواعد تحتاج إدارتها إلى عقول أكثر انفتاحا، وإلى قلوب أكثر حرصا، وإلى النظر للصالح العام على حساب الخاص.
لأكثر من مرة يتحدث الملك عن الجهاز الإداري، وضرورة تنقيته مما علق به من شوائب، مثل الواسطة باعتبارها ظلما وفسادا. يقينا أقول إن أي دولة لا تلتفت إلى هذه الجزئية المهمة في مشروعها النهضوي الذي تحلم به، وتأمل في تحقيقه، فإن الفشل هو مصير حتمي لها، فالتطوير الإداري بجميع أشكاله أولوية، ليس فقط لأنه يحد من الفساد، وإنما أيضا لأن العالم من حولنا يتغير، وليس مقبولا اليوم أن يدير الدفة أو يشارك في إدارتها أي شخص غير مؤهل أو غير قادر على ذلك.
إن تأكيد جلالته الدائم على ضرورة محاربة الواسطة إنما يأتي من علم الملك بأن هذه الواسطة تطيح بمبادئ العدالة التي يفترض بالمجتمع أن يكون خاضعا لها، وأنها تتعدى على حقوق آخرين مؤهلين لأن يشغلوا الوظائف التي يتم فرزها لاعتبارات جهوية أو مناطقية أو من منطلق العلاقات الخاصة.
ورغم عام مضى كان صعبا واستثنائيا ، ليس على الأردن فحسب وإنما على جميع دول العالم وشعوبه، إضافة إلى التحديات المحلية غير المرتبطة بجائحة كورونا وتبعاتها، إلا أن الملك يعبر عن تفاؤله بمستقبل أفضل للأردن والأردنيين، وهو تفاؤل في مكانه حين نستشرف رؤية جلالته إلى شعبه باعتباره شعبا مثقفا ومتعلما وواعيا، وأنه يستطيع على الدوام تحويل التحديات إلى فرص حقيقية لإنجاز مشروعه الحضاري بتحقيق التنمية التي يطمح إليها.
نعترف جميعنا بأن ثمة تحديات حقيقية تتطلب جهودا كبيرة لتخطيها، وهي تحديات موجودة في جميع حياتنا اليومية، خصوصا ما يتعلق منها بالمديونية وعجز الموازنة وجلب الاستثمار ودعم المنشآت الوطنية، وأيضا في مجالات التعليم والشباب والبطالة وأرقام الفقر. لكن الثابت أن الأردنيين دائما استطاعوا تخطي الصعوبات والعقبات، وسجلوا إنجازات لافتة لوطنهم.
لهذه الأسباب فإن الملك واثق في خطواتنا نحو المستقبل، ومؤمن بأن شعبه قادر على تحقيق المعجزات. كل ذلك يجعله متفائلا بالمستقبل.

مقالات ذات صلة